بعد مرور أكثر من عقد على اختفاء العشرات من الصحفيين في سوريا، لا يزال جرحهم مفتوحًا رغم سقوط نظام الأسد وانهيار أجهزته القمعية.
وفي تقرير موسّع أصدرته رابطة الصحفيين السوريين بعنوان “ليسوا مجرد أسماء”، وثّقت الرابطة استمرار تغييب خمسةٍ وعشرين صحفيًا وصحفية، سوريين وأجانب، على يد النظام السابق وتنظيم “داعش” وجماعات مسلحة أخرى.
وأشار التقرير، الذي أعدّه المركز السوري للحريات الصحفية، إلى أن بعض الصحفيين فُقد أثرهم منذ أكثر من ثلاثة عشر عامًا، من بينهم بشار فهمي القدومي وجون كانتلي وأوستن تايس، فيما لا يزال مصير آخرين مجهولًا حتى اليوم، تاركًا عائلاتهم بين الأمل واليأس في انتظار حقيقة لم تُكشف بعد.
قضية إنسانية ووطنية تتطلب تضافر الجهود
قال محمد الصطوف، مدير وحدة الرصد في المركز السوري للحريات الصحفية، لسوريا 24 إن إعداد التقرير استغرق عدة أشهر، وجرى وفق منهجية توثيق دقيقة ومعتمدة في الرابطة، مضيفًا أن التقرير وثّق 25 حالة اختفاء قسري ما يزال مصير أصحابها مجهولًا حتى الآن.
وأوضح الصطوف أن قضية الصحفيين المختفين لا تتعلق بالأرقام فقط، بل تمثل حفظًا للذاكرة السورية وتاريخ الثورة، مشيرًا إلى أن بعض الصحفيين ما زالوا مفقودين منذ عام 2013 رغم معرفة الجهات المسؤولة عن اختطافهم، سواء كانت تنظيم “داعش” أو نظام الأسد، من دون ورود أي معلومات عن مصيرهم.
وأكد أن هذا الملف يتطلب تضافر الجهود بين الجهات الرسمية والمنظمات الحقوقية والإعلامية، داعيًا إلى التعامل معه كجزء من مسار العدالة الانتقالية في سوريا. وأضاف أن التقرير يشكل الخطوة الأولى في هذا المسار، وأن الرابطة مستمرة في حملتها “أنقذوا الصحفيين في سوريا”، عبر التواصل مع الجهات القادرة على المساعدة في كشف الحقيقة.
العدالة لا تكتمل دون الحقيقة
ويخلص التقرير إلى أن قضية الصحفيين المغيبين لا يمكن اختصارها بالأرقام أو القوائم، إذ تمثل معركة من أجل الحقيقة والعدالة والكرامة.
ويؤكد أن سوريا لا يمكن أن تبني مستقبلًا حرًا وديمقراطيًا دون كشف مصير المفقودين ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الإخفاء القسري، مشددًا على أن إنصاف الصحفيين المغيبين هو واجب وطني وأخلاقي، وخطوة أساسية على طريق العدالة الانتقالية وبناء دولة القانون.