اتفاق 10 آذار إلى الواجهة: ماذا بعد اجتماعات الشرع وعبدي؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24 - أحمد زكريا

تصدرت اجتماعات دمشق الأخيرة بين الرئيس السوري أحمد الشرع ووفود من قوات قسد إلى جانب وفود أمريكية واجهة المشهد السوري، الأمر الذي يشير إلى أن الأمور تتجه نحو مرحلة جديدة من التفاهمات الدقيقة شرقي سوريا.

يأتي ذلك في ظل مساعٍ حكومية لتثبيت الاستقرار وتوحيد مؤسسات الدولة، مقابل رهانات من قيادة “قوات سوريا الديمقراطية” على استمرار الدعم الأميركي لها.

ويرى محللون في حديث لمنصة سوريا 24، أن اللقاء بين الرئيس أحمد الشرع وقائد “قسد” مظلوم عبدي، الذي جاء برعاية أميركية واضحة، يعكس اختباراً لجدية الطرفين في تنفيذ اتفاق العاشر من آذار، وأن نتائج المرحلة المقبلة ستتوقف على مدى استعداد “قسد” للتخلي عن طموحاتها الانفصالية، والقبول بالاندماج الكامل في بنية الدولة السورية.

تحليل المواقف والتوجهات

يعتقد الكاتب والمحلل السياسي عبد العزيز عجيني، في حديث لمنصة سوريا 24، أن القيادة السورية تسير بخطى محسوبة لتفكيك الملفات الانفصالية المتبقية في البلاد، وعلى رأسها ملفا السويداء وشرق الفرات، مفضلة الحلول السياسية على المواجهة العسكرية.

ويقول عجيني: “منذ سقوط نظام الأسد السابق في ديسمبر 2024، واجهت الدولة السورية تحدياً مركباً في توحيد الفصائل ضمن جيش وطني، ورغم قدرتها على الحسم العسكري، فإن دمشق اختارت طريق الدبلوماسية الطويلة لتجنب مواجهة دولية غير محسوبة”.

ويضيف أن واشنطن لم تحسم موقفها النهائي من مستقبل سوريا، موضحاً أن داخل الإدارة الأميركية تيارين: الأول يدعم بقاء سوريا موحدة ومركزية، والثاني يرى أن النظام الفدرالي هو الحل الأنسب لضمان استمرار نفوذ “قسد”.

ويتابع: “الحكومة السورية تراهن على الزمن وعلى العمل السياسي الهادئ، لأن توحيد البلاد تدريجياً يحقق استقراراً أوسع من أي حسم عسكري سريع”.

مرحلة مصيرية مقبلة

أما الكاتب أحمد العربي، فيعتبر في حديث لمنصة سوريا 24، أن اللقاء الأخير بين الشرع وعبدي جاء بضغط تركي متزامن مع الرعاية الأميركية، قائلاً: “المرحلة المقبلة قد تحدد مصير العلاقة بين الدولة السورية و(قسد)، فإما الالتزام بالتفاهمات والتكامل ضمن الدولة، أو مواجهة محدودة قد تكون تركيا طرفاً داعماً فيها”.

ويرى العربي أن أي تصعيد عسكري أو سياسي من جانب “قسد” سيكون “نتاجه عكسياً”، مشيراً إلى أن القيادة السورية “أظهرت استعداداً جاداً لدمج مناطق شرق الفرات سلمياً، شرط أن يتم ذلك ضمن وحدة القرار والسيادة الوطنية”.

خلفية الاجتماعات في دمشق

وجاءت تحليلات الخبراء عقب سلسلة اجتماعات مكثفة شهدتها دمشق، الثلاثاء الماضي، حيث التقى الرئيس أحمد الشرع وفداً أميركياً رفيع المستوى ضمّ المبعوث توم باراك وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، بحضور وزيري الخارجية والدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات العامة.

وعقب اللقاء، اجتمع الشرع بقائد “قوات سوريا الديمقراطية” مظلوم عبدي، في ثاني لقاء بينهما منذ آذار الماضي، بحضور المبعوث الأميركي، حيث تمحور اللقاء حول تثبيت وقف إطلاق النار في مدينة حلب وتنفيذ بنود اتفاق العاشر من آذار الذي ينص على شراكة ميدانية وسياسية بين الطرفين.

مسار التهدئة وفرص التفاهم

وأكد وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة عبر منصة “إكس”، أنه تم الاتفاق مع عبدي على وقف شامل لإطلاق النار يبدأ تطبيقه فورياً، فيما وصف المبعوث الأميركي توم باراك المباحثات بأنها “خطوة إيجابية نحو استقرار مستدام”.

وأشار باراك في مقابلة مع قناة “العربية إنجليزي” إلى أن “الجانبين السوري و(قسد) مدعوان لاتخاذ قرارات بنّاءة تصون وحدة سوريا وتمنع عودة التصعيد”، مؤكداً دعم بلاده لتنفيذ اتفاق 10 آذار.

ويرى المحللون في حديث لمنصة سوريا 24، أن لقاء دمشق يشكّل منعطفاً جديداً في التعامل مع ملف المنطقة الشرقية، خصوصاً أن التحركات الأميركية والتركية الأخيرة توحي بتقاطع مصالح حول ضرورة إنهاء حالة الانقسام الميداني التي تعرقل استقرار الشمال الشرقي السوري.

مرحلة اختبار الإرادات

وبينما تواصل دمشق تمسكها بالحل الدبلوماسي لإعادة توحيد البلاد، تبدو “قسد” أمام خيارين: إما الدخول في تسوية تحفظ لها دوراً إدارياً ضمن الدولة السورية، أو مواجهة واقع سياسي متغير قد يقلص نفوذها تدريجياً.

ومن هنا فإن المرحلة المقبلة ستكون اختباراً حقيقياً لإرادة جميع الأطراف، وأن اللقاء الأخير في دمشق قد يكون الخطوة الأولى نحو اتفاق شامل يعيد رسم خريطة الشرق السوري تحت مظلة الدولة الواحدة.

مقالات ذات صلة