قال مدير منطقة منبج هاشم الشيخ لـ”سوريا 24” إن أبرز التحديات الإدارية والخدمية في المنطقة تتمثل في غياب البنى التحتية لمعظم مؤسسات الدولة، مثل الدوائر المالية، والنفوس، والبريد، والاتصالات، والبلديات، موضحاً أن هذه المؤسسات تعرضت بعد التحرير لعمليات نهب واسعة، وتم تفريغ الأبنية من محتوياتها بالكامل، حتى على مستوى تمديدات المياه والكهرباء، فيما تحولت بلديات الريف إلى أبنية خاوية لا تضم سوى الجدران.
وأوضح أن ما جرى حدث عقب خروج “قسد” من المنطقة، مشيراً إلى أن بعض الفصائل التي سيطرت على منبج لاحقاً ساهمت أيضاً في تفريغ المؤسسات من محتوياتها. وأضاف بأسف أن البلدية هي المؤسسة الوحيدة التي ما زالت تعمل رغم الصعوبات، لافتاً إلى أن بعض سياراتها سُرقت، وأن 90% من دعمها يأتي من تبرعات الأهالي ورجال الأعمال لتغطية نفقات النظافة اليومية والمصاريف التشغيلية.
وأشار الشيخ إلى أن منبج مرّت بعدة مراحل من السيطرة، بين النظام، و”قسد”، وتنظيم داعش، ما أدى إلى إهمال كبير في جميع القطاعات. وأضاف أن البنى التحتية في المدينة متهالكة وتعود بمعظمها إلى عهد النظام السابق، موضحاً أن شبكة المياه الحالية تعود إلى عام 1985، وأن شبكة الكهرباء بحاجة إلى إعادة تأهيل شاملة، في حين لم يُجدَّد الصرف الصحي منذ أكثر من أربعين عاماً، ما يجعله عاجزاً عن تلبية احتياجات السكان.
وبيّن أن أولوية العمل بعد استتباب الأمن تتركز على قطاعات الصحة والتعليم والمجالس المحلية، موضحاً أن المدارس بحاجة ماسة إلى ترميم شامل يشمل الأبواب والنوافذ والسبورات والتجهيزات التعليمية. أما في القطاع الصحي، فأشار إلى أن المشفى الوطني هو المركز الوحيد للرعاية العامة، بينما تعرضت معظم المراكز الصحية الأخرى للنهب أو تعاني نقص الكوادر الطبية.
وأضاف أن منبج كانت تُعتبر في عهد النظام مؤهلة لتصبح محافظة مستقلة، لكن اعتمادها رسمياً كمحافظة يتطلب قراراً من مجلس الشعب، ولم يُبحث هذا الأمر حتى الآن. واعتبر أن المنطقة زراعية بامتياز، وتعتمد بشكل أساسي على الزراعة البعلية، لكنها بحاجة إلى تفعيل آبار المياه، وإطلاق مشاريع الطاقة الشمسية لدعم المياه الجوفية، إضافة إلى تأمين البذور والأسمدة، مشيراً إلى وجود تواصل مع المؤسسات المختصة ووعود بالمساعدة.
وفيما يتعلق بالتوترات مع “قسد”، أوضح الشيخ أن تأثيرها كبير على الأهالي، لأن منبج تستجر الكهرباء من سد الفرات الواقع تحت سيطرة “قسد”. وتحتاج المنطقة إلى نحو 100 ميغاواط، بينما لا يصلها من حلب سوى 12 ميغاواط فقط، ما انعكس سلباً على القطاعين الصناعي والزراعي، وأدى إلى هجرة الورش ورجال الأعمال إلى مناطق أخرى، الأمر الذي فاقم البطالة وجمود السوق المحلي.
كما أشار إلى وجود سبع قرى مهجّرة في محيط منبج، يقطنها نحو 3 آلاف عائلة يعيشون عند أقاربهم وليس في المخيمات، موضحاً أن الإدارة تبذل جهوداً لتأمين جزء بسيط من احتياجاتهم. وأضاف أن الوضع الأمني في المدينة مستقر عموماً، ومعظم السكان بقوا في منازلهم بعد التحرير.
وأكد الشيخ أن الأمن يمثل أولوية قصوى في المرحلة القادمة، مشيراً إلى أنه يجري العمل على إضاءة الشوارع واستكمال تركيب كاميرات المراقبة بعد حملة “فزعة منبج”، بهدف تعزيز الضبط الأمني ومراقبة الحركة العامة، إلى جانب تفعيل الحواجز ورفع جاهزية الشرطة المدنية والجنائية لضمان استقرار المدينة.
وحول ارتفاع الإيجارات في بعض أحياء منبج، أوضح الشيخ أن الأسعار تحددها آلية السوق والعرض والطلب، وأن ضبطها من صلاحيات الجهات الحكومية، لافتاً إلى أن متوسط الإيجارات لا يزال مقبولاً مقارنة بالمناطق المجاورة.
وفي إطار التواصل مع الأهالي، ذكر أن الإدارة فعّلت مكتباً لتلقي شكاوى المواطنين عبر موظف مختص يحيل القضايا إلى إدارة المنطقة أو المؤسسات المعنية، مؤكداً أن العلاقة مع العشائر ممتازة، وقد بدأت الإدارة برنامج زيارات ميدانية للعشائر لتعزيز السلم الأهلي، حيث تمت زيارة خمس عشائر حتى الآن، مع خطة لاستكمال الزيارات إلى جميع المكونات العشائرية في المنطقة.
لمحة تعريفية
وُلد جابر الشيخ في قرية مسكنة ودرس في مدينة حلب، حيث تخرج في كلية الهندسة الميكانيكية، ثم نال دبلوم هندسة طيران، وعمل في مركز البحوث العلمية قبل أن يُعتقل عام 2005. أُفرج عنه عام 2011، لينخرط بعد ذلك في العمل الثوري والمجال الإداري والخدمي ضمن المناطق المحررة.