يعيش طلاب محافظة الحسكة وأهاليهم حالة من الارتباك والخيبة بعد سلسلة من القرارات المتتابعة التي طالت مستقبلهم الجامعي، بدءًا من منع دوام طلاب السنة الأولى في جامعة الحسكة من قبل الإدارة الذاتية، وصولاً إلى قرار وزارة التعليم العالي رقم (361)، الذي صدر اليوم الأحد، القاضي بإيقاف القبول في عدد من الكليات والأقسام في الجامعات الحكومية والخاصة، ومن بينها كليات فرع جامعة الفرات في الحسكة.
هذه القرارات المتتابعة تركت أثرًا نفسيًا بالغًا لدى مئات الطلاب الذين أنهوا مرحلة البكالوريا حديثًا، وكانوا ينتظرون بداية مشوارهم الجامعي بأمل كبير، قبل أن يجدوا أنفسهم أمام واقع غامض ومستقبل غير واضح المعالم.
طلاب بين الانتظار والضياع
قال الطالب فنر حاج علي، الحاصل على مجموع 180 درجة في الشهادة الثانوية، في تصريحٍ لـ سوريا 24: “اخترت المفاضلة على كلية الحقوق في جامعة الحسكة لأبقى قريبًا من عائلتي، خاصة أن ظروفي المادية لا تسمح بالسكن أو الدراسة في محافظة أخرى. لكن قرار منع دوام طلاب السنة الأولى تركنا في حالة من التشتت والقلق، ولا نعرف حتى الآن ما إذا كنا سنتمكن من بدء العام الدراسي أم لا.”
ويؤكد فنر أن القرار شكّل صدمة لجميع الطلاب الذين فضّلوا الدراسة في الحسكة هربًا من أعباء السفر والغربة، مشيرًا إلى أن كثيرًا منهم يعيشون أوضاعًا اقتصادية صعبة تجعل الانتقال إلى محافظات أخرى أمرًا شبه مستحيل.
الأهالي: مستقبل أبنائنا مهدد
من جانبه، قال السيد ياسر الكنجو، والد أحد الطلاب، لـ سوريا 24: “ابني اجتهد طوال العام، وتحمل ضغوطًا نفسية ومادية كبيرة من أجل تحقيق حلمه بالالتحاق بالجامعة. لذلك قررنا أن يسجّل في كلية التربية بجامعة الحسكة ليبقى قريبًا من أسرته. لكننا فوجئنا بقرار إيقاف دوام طلاب السنة الأولى، مما سبب لنا صدمة حقيقية.”
وأضاف الكنجو: “لا نستطيع إرسال أبنائنا إلى محافظات أخرى للدراسة بسبب الظروف الأمنية والمعيشية الصعبة. تعبهم قد يضيع بلا نتيجة، وكل تأخير في إيجاد حل سيؤثر على مستقبل جيل كامل من الطلاب.”
القرار رقم 361 يزيد الغموض
زاد القرار رقم 361 من تعقيد المشهد التعليمي في الحسكة، إذ نص على إيقاف القبول في عدد من الكليات والأقسام في الجامعات السورية، ومن بينها فرع جامعة الفرات في الحسكة.
ويرى كثير من الأهالي أن هذا القرار جاء في وقت حساس، ما أثار موجة من الاستياء والخوف من ضياع فرصة التعليم الجامعي لأبنائهم.
وطالب عدد من الطلاب عبر سوريا 24 بتوضيحات رسمية حول مصيرهم بعد أن تقدموا للمفاضلة في الأيام السابقة، مؤكدين أن غياب الشفافية وعدم وجود بدائل مناسبة يضعهم أمام مستقبل مجهول.
نداء مفتوح: أنقذوا مستقبل طلاب الحسكة
يرى طلاب الحسكة وأهاليهم أن ما يحدث هو انعكاس مباشر لحالة الانقسام الإداري والسياسي في المحافظة، مطالبين الحكومة السورية والإدارة الذاتية بالتعاون لإيجاد حل عاجل وجذري يضمن استمرار العملية التعليمية ويُبعدها عن التجاذبات السياسية.
وقال أحد أولياء الأمور لـ سوريا 24: “التعليم يجب أن يبقى بعيدًا عن الصراع، لأنه حق أساسي لكل طالب، وهو الركيزة الأولى لبناء مستقبل أفضل للبلاد.”
التعليم… بوابة الأمل الأخيرة
بين قرارات متضاربة وواقع معيشي ضاغط، يقف طلاب الحسكة اليوم أمام مفترق طرق حاسم، يتوقف عليه مصير دراستهم ومستقبلهم الأكاديمي.
ويؤكد مراقبون أن استمرار غياب الحلول سيؤدي إلى تسرب طلابي متزايد، وإحباط عام بين الشباب الذين يرون في التعليم فرصة النجاة الوحيدة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
ويبقى الأمل أن تتضافر الجهود الرسمية والمجتمعية لإعادة انتظام التعليم في الحسكة، فـ المستقبل لا يُبنى بالقرارات المؤقتة، بل بالإرادة التي تضع مصلحة الطالب فوق كل اعتبار.