شتاء جديد يقترب… والمخيمات في الشمال السوري ما تزال على حالها

Facebook
WhatsApp
Telegram

منيرة بالوش - سوريا 24

مع اقتراب الشتاء، يعود الخوف من البرد ليخيم على آلاف العائلات التي لا تزال تعيش تحت الخيام المهترئة في مخيمات الشمال السوري. فبينما تستعد المدن والبلدات لاستقبال موسم الأمطار، ما تزال خيام النزوح في ريفي إدلب وحلب تقف وحيدة في مواجهة الرياح والبرد، شاهدة على سنوات من النزوح الذي لم يعرف نهاية بعد.

في مخيمات دير حسان، كللي، وكفر لوسين، وأطمة، ومناطق أخرى، تمتد صفوف الخيام على مدّ البصر، بعضها ما زال من القماش القديم الذي أنهكته الشمس صيفًا وأتعبته الأمطار شتاء، دون أي عزل حراري أو بنى تحتية تقي السكان من الغرق أو الصقيع.

تقول أم عمار، وهي نازحة من ريف إدلب الجنوبي وتعيش في مخيم كفر لوسين منذ خمس سنوات: “كل شتاء نعيش نفس الوجع، المطر يدخل إلى الخيمة من السقف، والوحل يغمر الطريق أمامها، نحاول رفع الفرش على الحجارة كي لا تبتل، وأطفالي ينامون بثيابهم لأن لا بطانيات تكفي. تعبنا من الوعود، نريد فقط سقفًا لا يسرب المطر”.

رغم حملات العودة الطوعية التي شهدتها إدلب خلال الأشهر الماضية إلى مناطق مدمرة في الجنوب، فإن آلاف العائلات ما تزال ترزح تحت الخيام، إذ لا تمتلك القدرة المالية على الترميم أو الإيجار، ولا تجد بديلًا آمنًا.

وتشير تقديرات منظمات محلية إلى أن أكثر من مليون ونصف نازح في شمال غرب سوريا يعيشون في نحو 1600 مخيم، نصفها تقريبًا غير مخدم بالصرف الصحي أو الكهرباء أو شبكات المياه.

تشهد المخيمات في شمال غرب سوريا تراجعًا ملحوظًا في الخدمات الأساسية، إذ يشكو السكان من انقطاع أو ضعف مستمر في دعم المياه الصالحة للشرب، وغياب الصيانة الدورية لشبكات الصرف الصحي، إلى جانب تأخر عمليات ترحيل القمامة والنفايات، ما يزيد من خطر انتشار الأمراض.

ويواجه النازحون أيضًا غلاءً معيشيًا متفاقمًا، إذ ارتفعت أسعار المواد الغذائية والوقود بشكل يفوق قدراتهم الشرائية، بينما قلة فرص العمل تحرم العائلات من أي مصدر دخل ثابت. هذه العوامل مجتمعة تجعل الحياة في المخيمات أكثر صعوبة مع اقتراب موسم البرد، وتضاعف معاناة الأطفال والنساء وكبار السن الذين يعتمدون بشكل كامل على الدعم الخارجي لتأمين احتياجاتهم الأساسية.

تقول أمينة عبدو، إحدى الناشطات في مجال الإغاثة النسائية، إن النساء في المخيمات يواجهن أوضاعًا “قاسية ومهينة في كثير من الأحيان”، موضحة أن “الأمهات يعجزن عن تأمين أبسط مقومات الدفء لأطفالهن، والملابس الشتوية أصبحت حلمًا بعيد المنال، فيما ترتفع الأسعار ويقل الدعم عامًا بعد آخر”.

ورغم المناشدات المتكررة التي تطلقها المنظمات المحلية مع كل موسم شتاء، ما تزال الاستجابة الإنسانية محدودة ومتقطعة، خاصة مع تراجع التمويل الأممي خلال العام الجاري.

ومع كل غيمة تمطر في سماء إدلب، تتسرب مياه المطر إلى داخل آلاف الخيام، كأنها تذكير متجدد بأن مأساة النزوح لم تُطوَ بعد، وأن دفء البيوت ما زال حلمًا مؤجلًا لعائلات أنهكها الانتظار والبرد.

مقالات ذات صلة