نهر عيشة.. حي خارج الخدمة في قلب العاصمة

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24 - منيرة بالوش

رغم أنه يقع على أطراف دمشق، فإن حي نهر عيشة يبدو وكأنه خارج خريطة الخدمات العامة تمامًا. الحي الذي تسكنه آلاف العائلات يعيش منذ سنوات بين مياه الصرف الصحي الملوثة، وانقطاع المواصلات، وغياب المراكز الصحية والمدارس المجهزة، فيما يناشد الأهالي عبر “سوريا 24” الجهات المعنية التدخل العاجل لإنقاذ ما تبقى من الحياة في هذا المكان المنسي.

مدارس بلا كهرباء ولا تجهيزات

تقول ملكة محمد المحمد، وهي معلمة من سكان الحي وتعمل إداريًا في مدرسة نهر عيشة: “الإضاءة في المدرسة ضعيفة جدًا، لدينا بطارية بالكاد تضيء مثل الشمعة، والأطفال لا يرون اللوح، والمعلمات أحيانًا يقرأن بصوت مرتفع حتى يتمكن الطلاب من متابعة الدرس. لا توجد أدوات تعليمية، ولا أوراق أو أقلام، حتى المقاعد مكسرة وتحتاج إلى صيانة”.

وتضيف أن الكادر التعليمي يضطر إلى الذهاب إلى منطقة الدحاديل لطباعة أوراق الامتحانات بسبب غياب آلة تصوير، وغالبًا ما تتحمل المعلمات تكاليف الطباعة من جيوبهن في ظل الظروف المعيشية الصعبة.

الصرف الصحي يغرق البيوت

الصيدلانية أسماء، من أبناء الحي، توضح أن مشكلة الصرف الصحي هي الأخطر، إذ تغمر مياه المجاري الشوارع وتفيض إلى داخل المنازل. تقول: “كل بيوت نهر عيشة متضررة، الصرف يرتفع ويفيض داخل البيوت، والروائح لا تُحتمل، وعندما نراجع المحافظة يعتذرون بحجة أن المنطقة مشمولة بقانون 66 وستدخل التنظيم، لذلك لا يمكن تنفيذ إصلاحات جذرية. لكننا نعيش هنا الآن، لا بعد عشر سنوات”.

مركز صحي بالاسم فقط

تصف أسماء الوضع الصحي بأنه “كارثي”، فالمستوصف عبارة عن بناء مستأجر رطب ومتهالك، لا تتوفر فيه أي أجهزة أو أدوية.

تقول: “المكان يفتقر إلى الإضاءة، والأدوية المزمنة كأدوية السكري والضغط، ولا توجد أدوات طبية أساسية. حتى صاحب البناء رفع قضايا لإخلائه. نطالب بإقامة غرف مسبقة الصنع كمركز صحي بديل، فعدد سكان الحي تجاوز 11 ألف نسمة”.

عزلة خدمية ومواصلات مقطوعة

من أبرز معاناة الأهالي أيضًا انقطاع المواصلات عن أجزاء كبيرة من الحي. تقول ملكة: السرافيس لا تصل إلى كامل المنطقة، وتنتهي عند جامع الجولان، بينما هناك عائلات تسكن أبعد من الخط. كبار السن والمرضى يعانون للوصول إلى أقرب نقطة، وكثير منهم لا يستطيع دفع أجرة التاكسي.

انقطاع الإنترنت وضعف التعليم الجامعي

وتشير المعلمة إلى أن ضعف شبكة الإنترنت يزيد من معاناة الطلاب، خصوصًا طلاب الجامعات الذين يعتمدون على التعليم الإلكتروني، ما يجعل التواصل والدراسة عبئًا ماديًا إضافيًا على الأسر.

منطقة منسية بلا بلدية ولا خدمات

يعيش سكان نهر عيشة حالة من العزلة الإدارية، فالحي غير تابع لأي بلدية واضحة، ولا يضم مركزًا ثقافيًا أو ثانوية عامة تخدم طلابه. “حتى تسجيل طلابنا في مدارس دمشق المجاورة يحتاج إلى واسطة.. كأننا لسنا جزءًا من المدينة”، تقول ملكة.

مخاطر يومية وملف إنساني منسي

كما وجّه الأهالي نداءً إنسانيًا لتسليط الضوء على أبناء المعتقلين الذين استُشهدوا تحت التعذيب، موضحين أن أطفالهم يعانون من الفقر والتهميش. تقول ملكة: نتمنى أن تُقدَّم لهم دورات تدريبية في الخياطة أو التمريض، وأن تُدعَم زوجات المعتقلين بدورات مهنية تساعدهن على إعالة أسرهن بكرامة.

في نهر عيشة، تتقاطع معاناة الخدمات مع معاناة الإنسان. بين مدرسة مظلمة ومجارٍ مفتوحة ومستشفى غائب، يعيش الأهالي على أمل أن يصل صوتهم هذه المرة إلى المسؤولين، وأن تُترجم وعود التنظيم والإصلاح إلى واقع يلامس حياة الناس لا خرائط المستقبل.

مقالات ذات صلة