في ظل ضعف الإمكانيات وغياب الدعم الإنساني الكافي، تتواصل في ريف حماة الجهود الحكومية والأهلية لإعادة الحياة إلى المنطقة المنكوبة، ضمن حملة أُطلق عليها اسم “حماة تنهض من جديد”، وهي مبادرة تستهدف تحسين الواقع الخدمي وتأهيل البنية التحتية المتضررة، رغم شح الموارد وصعوبة الظروف الميدانية.
وقال مراسل سوريا 24 في حماة إن الحملة انطلقت بتعاونٍ مشترك بين الجهات الحكومية والمنظمات المحلية والمبادرات الأهلية، مركّزةً على إعادة تأهيل ما يمكن ترميمه كبدايةٍ لمسارٍ طويلٍ من التعافي.
وشملت الأعمال ترميم عددٍ من المدارس والمساجد، وفتح الطرقات، وإزالة الركام من الشوارع والمنازل في عددٍ من بلدات وقرى الريف الشمالي لحماة.
ورغم أهمية هذه الخطوات، إلا أن المشهد العام يكشف فجوةً كبيرة بين الجهود المبذولة وحجم الدمار القائم، إذ تحتاج المناطق المتضررة إلى دعمٍ أوسع ومشاريع أكثر استدامة لتأمين احتياجات السكان الأساسية وتهيئة الأرضية لإعادة إعمارٍ حقيقية تليق بتضحياتهم وصمودهم.
دمار واسع وواقع خدمي هش
وقال بدر حمادة، أحد العائدين إلى منطقته في ريف حماة، في حديثٍ لسوريا 24، إن ما شاهده بعد العودة فاق التوقعات:
“تفاجأنا بحجم الدمار الكبير الذي طال البنية التحتية. الكهرباء غائبة بشكلٍ كامل، ما يدفع السكان إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية، لكنها حلٌّ ضعيف خلال فصل الشتاء، مما يشكّل عبئًا إضافيًا على الأهالي”.
وأضاف حمادة أن شبكات الصرف الصحي والبنية التحتية بشكلٍ عام تعاني تدهورًا كبيرًا، وسط غيابٍ واضحٍ لاستجابة المنظمات الإنسانية. وأشار إلى أن مستوى الدعم المقدَّم من الجهات الإغاثية منخفضٌ جدًا، ما يفاقم معاناة السكان العائدين ويجعل حياتهم اليومية أكثر صعوبة.
حضور محدود للمنظمات الإنسانية
من جانبه، أكّد الحسين الخالد أن وجود بعض المنظمات الإنسانية في المناطق المحررة لم ينعكس فعليًا على واقع الخدمات. وقال في حديثٍ لسوريا 24:
“رغم وجود بعض المنظمات، إلا أن حضورها محدود جدًا، ويكاد لا يلامس حجم الاحتياج القائم. معظم التدخلات تقتصر على أنشطة بسيطة تعتمد على ما تبقّى من بنى تحتية، دون مشاريع حقيقية لإعادة التأهيل أو إصلاح ما دمرته الحرب”.
وشدّد الخالد على أن ضعف تواجد المنظمات لا يتناسب إطلاقًا مع حجم الدمار الهائل الذي طال المنطقة بأكملها، ما يترك السكان أمام تحدياتٍ يومية تفوق طاقتهم في ظل غياب الدعم الفعّال والمستدام.
مبادرات محلية في مواجهة التحديات
ورغم محدودية الإمكانيات، برزت مبادراتٌ محلية تعكس رغبة الأهالي في إعادة إعمار مناطقهم.
وأوضح خزامى الحموي، أحد القائمين على حملة “حماة تنهض من جديد”، في حديثٍ لسوريا 24، أن فرق العمل الميدانية تعمل حاليًا في 42 نقطةً مختلفة بريف حماة الشمالي، تشمل: “ترميم أكثر من 20 مدرسة، و8 آبار مياه، و8 مساجد، بالإضافة إلى بناء مسجدين جديدين في مناطق اللطامنة وحلفايا وكفرزيتا وسهل الغاب”.
وأشار الحموي إلى أن الهدف من هذه الجهود ليس فقط إعادة إعمار البنية التحتية، بل إعادة الأمل للسكان وتشجيع المزيد من العائلات على العودة إلى منازلها، لافتًا إلى أن استمرار هذه المبادرات يتطلب دعمًا إضافيًا من الجهات الدولية والمنظمات المعنية بالشأن الإنساني.
أمل بالاستمرار رغم التحديات
ويبدو أن طريق التعافي في ريف حماة ما يزال طويلاً، وسط تحدياتٍ معقدة تشمل غياب الخدمات الأساسية، وضعف التمويل، وتراجع الدعم الإنساني.
ومع ذلك، فإن الحملات المحلية والمبادرات الأهلية تشكّل نقطة ضوءٍ في مشهدٍ صعب، تعكس إرادة السكان في النهوض مجددًا رغم كل الظروف.
وفي انتظار استجابةٍ أكبر من الجهات الدولية، تبقى الجهود الحالية بمثابة خطوةٍ أولى في مسار إعادة الحياة إلى منطقةٍ أنهكتها الحرب، وتبحث اليوم عن بصيص أملٍ للاستقرار والعودة الطبيعية.