بمناسبة اليوم العالمي للعصا البيضاء، أقامت جمعية نبض بلا حدود فعالية تحت عنوان “أضواء على الطريق” في مدينة إدلب، بهدف تسليط الضوء على فئة المكفوفين وإبراز دورهم الفاعل في المجتمع، تأكيدًا على أن الإعاقة لا تعني العجز، بل يمكن أن تكون دافعًا للتميز والمشاركة الإيجابية في بناء الوطن.
الفعالية التي نظمتها الجمعية بحضور عدد من المكفوفين والمتطوعين، ركزت على أهمية التماسك المجتمعي ودعم ذوي الإعاقة البصرية من خلال التعليم والتمكين، وتقديم نماذج حية لشباب مكفوفين تجاوزوا الصعوبات بإرادة قوية وإيمان بقدرتهم على التغيير.
حسين الطه، مسؤول المكتب التعليمي في جمعية نبض بلا حدود، قال في حديثه لـ سوريا 24 إن الهدف من الفعالية هو “تسليط الضوء على شريحة المكفوفين التي تُعد جزءًا لا يتجزأ من نسيج المجتمع، وتتميز بقدرات فائقة تساهم في تعزيز التماسك المجتمعي”. وأضاف أن المكفوفين “قادرون على حمل شعلة التغيير مثلهم مثل أي فئة من فئات المجتمع، خاصة بعد أن منّ الله على البلاد بالتحرر من الظلم والطغيان”.
وأوضح حسين أن جمعية نبض بلا حدود تسعى منذ تأسيسها إلى تمكين المكفوفين تعليميًا ومجتمعيًا، وتقديم خدمات الدعم المتنوعة لهم، مشيرًا إلى أن الجمعية تضم حاليًا نحو 70 مستفيدًا من برامجها التعليمية، بينهم 30 طالبًا في مرحلة التعليم الأساسي والثانوي يستفيدون من منصة “شعاع الأمل” التعليمية، المخصصة لطلاب الشهادات الإعدادية والثانوية العامة من مختلف المحافظات السورية.
بشكل فردي، تأسست فكرة الجمعية من قبل حسين طه وندى قنطار، وهما من ذوي الإعاقة البصرية، ثم توسعت لتصبح اليوم جمعية كاملة تضم عشرات الأشخاص المكفوفين وتقدم لهم الخدمات وفق المتاح.
كما تضم الجمعية 40 طالبًا جامعيًا من مراحل مختلفة، إضافة إلى طلاب في مرحلة الدراسات العليا (الماجستير). وتقدم لهم الجمعية خدمات متعددة، من بينها تسجيل المقررات الدراسية بصوت المتطوعين بعد استلامها من المستفيدين بصيغة إلكترونية، وتحويل الملفات من PDF إلى Word لتسهيل قراءتها عبر برامج قارئات الشاشة، فضلًا عن إنشاء مكتبة صوتية تضم كتبًا ثقافية وروايات ليستفيد منها المكفوفون في أوقاتهم الحرة.
وتعمل الجمعية كذلك على تنظيم دورات تدريبية وتوعوية تشمل مهارات الحاسوب واستخدام الهواتف الذكية للمكفوفين، إلى جانب برامج إرشاد وتوجيه، ودورات للمتطوعين حول كيفية التعامل مع ذوي الإعاقة البصرية.
وأشار طه حسين إلى أن جمعية نبض بلا حدود تأسست في أيلول عام 2023 في مدينة إدلب، بمبادرة من مجموعة من الشباب المكفوفين الذين عاشوا التجربة التعليمية بكل تحدياتها، ورغبوا في دعم غيرهم من المكفوفين عبر كيان يقدم خدمات مجانية بالكامل، 90 بالمئة منها عن طريق الإنترنت لتسهل على المكفوفين استخدامها.
واختتم حديثه قائلًا: “نطمح في المرحلة القادمة إلى توسيع نشاطنا الميداني ليصل إلى مختلف المحافظات السورية، ونأمل أن تكون جمعيتنا نبضًا حقيقيًا للأمل لكل كفيف يرى بعيني قلبه أكثر مما نرى بأعيننا.”
بهذه الروح، تحتفي جمعية نبض بلا حدود باليوم العالمي للعصا البيضاء، ليس كشعار رمزي، بل كرسالة تؤكد أن النور الحقيقي ينبع من الإرادة، وأن فقدان البصر لا يعني فقدان البصيرة ولا القدرة على الإبداع والعطاء.
تعمل الجمعية اليوم في جميع المحافظات السورية بكوادر مؤهلة للعمل، بعد عام واحد من تأسيسها، لتكون الاستفادة أوسع وأشمل لجميع المكفوفين في مختلف المناطق والمحافظات.