الشيخ مسكين بين العطش والنفايات: خدمات متدهورة وحلول غائبة

Facebook
WhatsApp
Telegram

لؤي أبو السل - قضايا 24

تشهد مدينة الشيخ مسكين في ريف درعا واقعًا خدميًا مترديًا مع تفاقم أزمتي المياه والنظافة، وسط غياب حلول جذرية، ما يزيد من استياء السكان ومخاوفهم من انعكاسات صحية ومعيشية خطيرة.

في قطاع المياه، يواجه الأهالي انقطاعًا شبه دائم، إذ لا تصل المياه إلى المنازل سوى مرة واحدة كل عشرة أيام، وبكميات لا تكفي لسد الحاجات اليومية.

المواطن باسل النجدي تحدث لـ”سوريا 24″ عن معاناة مستمرة منذ أكثر من ستة أشهر، أرهقت الأهالي وأجبرتهم على البحث عن مصادر بديلة بأسعار باهظة، مشيرًا إلى أن وعود مسؤولي وحدة المياه لم تُترجم إلى أي إجراءات ملموسة على الأرض.

وأشار النجدي إلى وجود خطر حقيقي على الصحة العامة في بعض المناطق التي يُحتمل فيها اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي، خصوصًا في نهايات خطوط التوزيع، حيث تفتقر الشبكة إلى الصيانة والمراقبة اللازمة.

أما المواطن نور الحسين، فيصف واقع تأمين المياه بأنه “معركة يومية”، إذ تلجأ العائلات إلى شراء المياه عبر الصهاريج كل ثلاثة إلى أربعة أيام، بكلفة تصل إلى 100 ألف ليرة للصرّيج الواحد، وهو عبء اقتصادي لا تقوى عليه معظم الأسر في المدينة، التي باتت عاجزة عن تلبية أبسط متطلبات الحياة اليومية من شرب وغسيل.

في رده على شكاوى المواطنين، أكد المهندس علي الكردي، مدير مؤسسة المياه في مدينة الشيخ مسكين، أن أزمة المياه في المدينة ما تزال مستمرة نتيجة محدودية الموارد والأعطال المتكررة في خطوط الضخ، مشيرًا إلى أن المؤسسة تعمل حاليًا بالتعاون مع المجتمع المحلي وبعض المتبرعين لضمان استمرارية الخدمة وتخفيف الأعباء عن السكان.

وأوضح الكردي لـ”سوريا 24″ أن المشاريع الحالية، مثل حفر الآبار، تُنفذ بالكامل بتمويل من متبرعين، ولا تندرج ضمن خطة تمويل حكومية أو ميزانية مستقرة، ما يجعل تنفيذ أي مشروع مرتبطًا حصريًا بتوفر الدعم المالي الخارجي، ويقيد قدرة المؤسسة على التخطيط طويل الأمد أو الالتزام ببرنامج تنفيذي ثابت.

وأضاف أن الوضع المائي في المدينة يزداد تعقيدًا بفعل الجفاف ونقص الموارد، ما يؤثر بشكل مباشر على قدرة المؤسسة في تنفيذ مشاريع تحسين وتوسيع الشبكات أو إصلاح الأعطال بشكل منتظم، مشددًا على أن التنسيق مع الأهالي والفعاليات المحلية يلعب دورًا أساسيًا في تقليل أثر الأزمة وضمان استمرار الحد الأدنى من الخدمة.

كما أشار الكردي إلى وجود فارق جوهري بين المشاريع التي تُنفذ ضمن الخطة الرسمية للمؤسسة والتي تعتمد على ميزانية محددة، وبين المشاريع المدعومة من المتبرعين، والتي تُقيم وتُنفذ بناءً على حجم الموارد المتاحة من الجهات الممولة، ما يجعل العملية عرضة للتأخير أو التوقف في حال انقطاع الدعم.

من جهته، أوضح المهندس رياض المسالمة، مدير مؤسسة المياه في درعا، أن التنسيق بين المؤسسات الرسمية والمجتمع المحلي والجهات الداعمة يُعتبر الحل الأمثل في ظل الظروف المناخية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها المنطقة، لافتًا إلى أن الاستجابة لأي أعطال أو مشكلات في الضخ تخضع لمتابعة دقيقة بهدف ضمان استمرارية الخدمة بالمستوى الممكن.

خدمات النظافة لا تقل سوءًا

بموازاة أزمة المياه، تتفاقم مشكلة القمامة في مختلف أحياء المدينة، في ظل عجز البلدية عن الاستجابة لحجم النفايات المتزايد، خاصة بعد ارتفاع عدد السكان بنحو 20% عقب عودة عدد كبير من الأهالي إلى المدينة.

يقول النجدي إن أكوام القمامة باتت مشهدًا مألوفًا في الشوارع، ما يزيد من التلوث ويهدد بتفشي الأمراض، لا سيما مع دخول فصل الخريف.

رئيس بلدية الشيخ مسكين، محمود العظمة، أوضح لـ”سوريا 24” أن البلدية تعمل بإمكانيات محدودة للغاية، وتعتمد حاليًا على سيارة واحدة فقط لجمع النفايات في المدينة بأكملها. وأضاف أن المشكلة تتفاقم بسبب غياب حاويات في بعض القرى المجاورة مثل إبطع وقرفا، ما يرفع من حجم التراكم.

وأشار إلى أن جانبًا من المشكلة يرتبط أيضًا بسلوكيات بعض المواطنين الذين يرمون النفايات بشكل عشوائي، مؤكدًا أن تحسين الوضع يتطلب تعاونًا مجتمعيًا إلى جانب دعم الجهات المعنية.

ويطالب سكان الشيخ مسكين الجهات الرسمية بالتحرك الفوري لإصلاح شبكات المياه وتأمين مصادر نظيفة وآمنة، إلى جانب تنظيم فعال لعمليات جمع النفايات، قبل أن تتحول الأزمات الحالية إلى كارثة بيئية وصحية لا تُحتوى.

ويشدد الأهالي على أن “الماء حق أساسي لا يمكن التنازل عنه”، محذرين من أن استمرار التراخي في معالجة هذا الملف سيعمق من معاناتهم اليومية ويقوض فرص الاستقرار في المدينة

 

مقالات ذات صلة