تواجه مدارس أرياف محافظة الرقة أوضاعاً متدهورة نتيجة الإهمال المزمن في البنى التحتية، ما جعلها بيئات غير صالحة للتعلم، وسبباً رئيسياً في تزايد معدلات التسرب، خصوصاً بين الفتيات. هذا الواقع المقلق أثار استياء الأهالي الذين يطالبون الجهات المعنية بالتحرك العاجل لإصلاح ما يمكن إصلاحه وإنقاذ العملية التعليمية في الريف.
في العديد من القرى، مثل تل السمن، يفتقر الطلاب إلى دورات مياه مجهزة ونظيفة، الأمر الذي يشكل عقبة حقيقية أمام حضور الفتيات بانتظام. تقول أمل مروان، من سكان القرية، في تصريح لـ سوريا 24: “غياب دورات المياه المناسبة يجعل بناتي يعانين من صعوبة في مواصلة الدراسة، وقد اضطرت العديد من الطالبات لترك المدرسة لهذا السبب. نطالب لجنة التربية بالتدخل العاجل لمعالجة هذه المشكلة التي تؤثر مباشرة على مستقبل الفتيات.”
ولا يقتصر الإهمال على المرافق الصحية فقط، إذ تعاني مدارس أخرى في أرياف الرقة، مثل قرية الحتاش، من نقص حاد في مياه الشرب. هذا الواقع يدفع الأطفال إلى مغادرة المدرسة أثناء الدوام بحثاً عن الماء، ما يعرّضهم لمخاطر الطرقات ولأمراض محتملة بسبب شرب المياه غير المأمونة. ويقول سامر الخطيب، أحد أولياء الأمور، لـ سوريا 24: “أطفالي يخرجون من المدرسة أكثر من مرة يومياً ليبحثوا عن الماء، وهذا يعرضهم للخطر ويشتت تركيزهم. غياب مياه الشرب النظيفة لا يمكن تجاهله، لأنه خطر على صحتهم ومستقبلهم.”
وتبرز مشكلة أخرى لا تقل خطورة، وهي انهيار الأسوار أو غيابها بالكامل في عدد من المدارس الواقعة بالقرب من الطرق العامة، مثل مدرسة كبش. ويؤكد جمال الأحمد، وهو والد أحد الطلاب، لـ سوريا 24: “سور المدرسة مهدّم تقريباً، والسيارات تمر بمحاذاة الساحة التي يلعب فيها الأطفال. نخاف في كل صباح على سلامتهم ونطالب لجنة التربية بسرعة ترميم الأسوار وتأمين الحماية اللازمة.”
تتفاقم هذه المشكلات في ظل غياب الصيانة الدورية وضعف التجهيزات التعليمية، ما يعمّق من معاناة الطلاب والمعلمين معاً ويعطل سير العملية التربوية. ويشير الأهالي إلى أن السنوات الماضية من النزوح والحرب جعلت المدارس في الأرياف مهمشة تماماً، رغم كونها الأساس في إعادة بناء المجتمع واستقراره بعد سنوات من الأزمات.
ويرى أهالي الريف أن استمرار إهمال البنية التحتية التعليمية لا يهدد فقط التحصيل الدراسي، بل ينعكس سلباً على النسيج الاجتماعي بأكمله، إذ يدفع الكثير من الأطفال إلى ترك التعليم والانخراط في أعمال هامشية أو البقاء في المنازل بلا أمل في مستقبل أفضل.
ويأمل الأهالي أن تبادر لجنة التربية في الرقة إلى وضع خطة عاجلة لإعادة تأهيل المدارس، تشمل بناء دورات مياه جديدة، وتأمين مياه الشرب، وترميم الأسوار، وتوفير بيئة صحية وآمنة تسهم في استقرار التعليم وتحافظ على سلامة الأطفال ومستقبلهم.