في قلب مدينة الرقة، تلمع قصة ملهمة لرجل لم يسمح للإعاقة أن تقف في وجه طموحه. زياد محمد كشاية، المولود عام 1976، واجه منذ طفولته تحدياً صحياً نتج عنه شلل جزئي، لكنه رفض أن تكون إعاقته سبباً للعجز أو التوقف عن العطاء.
يقول زياد في حديثه لسوريا 24: “أخذوني إلى الطبيب وضربوني إبرة، وصار فيني هذا الوضع. الحمد لله، لكني لم أسمح للإعاقة أن توقفني، بل كانت دافعاً للاستمرار والعمل في مجالات مختلفة.”
بدأ زياد مسيرته بالعمل في ملاحقة المعاملات، ثم في معمل بلور، وبعدها بائعاً للأحذية، قبل أن يجد شغفه الحقيقي في مجال الكهرباء. “اشتغلت بالكهرباء، وحسيت أني في مكاني الصحيح، لأن فيها إبداع وحياة، والحمد لله أبدعت فيها كثيراً.”
من خلال هذا الشغف، برز زياد في إصلاح وصيانة الكراسي المتحركة مجاناً للأشخاص ذوي الإعاقة، ضمن مبادرة مجتمعية انطلقت بعد تعرفه على مبادرة السلام على فيسبوك. “قررت أن أطلق مبادرة لتصليح الكراسي المتحركة مجاناً، وكانت النتيجة رائعة، واستقبلها الناس بحماس كبير.”
ولم يكتفِ بذلك، بل واصل تطوير نفسه بدراسة صيانة الهواتف المحمولة، فدرس الهاردوير والسوفت وير في معهد متخصص، وحصل على نتيجة ممتازة بلغت 80%. ورغم كفاءته، يواجه صعوبة في تأمين رأس المال لافتتاح محل خاص به. “أحب صيانة الموبايلات وأريد أن أفتح محلاً، لكن ينقصني رأس المال. أتمنى أن تدعمني جهة أو منظمة لتحقيق هذا الحلم.”
يؤمن زياد أن الإعاقة الحقيقية ليست في الجسد، بل في غياب الإرادة. “المُعاق الحقيقي هو الذي يستسلم. أنا اخترت أن أكون مثالاً يحتذى به، ولم أجعل إعاقتي عذراً للتقاعس.”
زياد، المتزوج وأب لأربع بنات، يجسد نموذجاً رائعاً للإصرار والعطاء. قصته رسالة أمل لكل من يظن أن الإعاقة نهاية الطريق، فهي في الحقيقة بداية رحلة جديدة بالإرادة والإبداع.
بفضل عزيمته ومبادرته المجانية في صيانة الكراسي المتحركة، أصبح زياد مثالاً يحتفى به في الرقة، ورمزاً لقوة الإرادة والعمل المجتمعي في وجه التحديات.