يعاني عمال الساحات في مدينة الرقة، الذين يُعرفون محلياً بـ”عمال المتحف”، من ظروف اقتصادية صعبة للغاية. فبينما لا تزال الليرة السورية العملة المستخدمة في التعاملات اليومية، يشهد سوق الصرف ارتفاعاً فاحشاً في سعر الدولار الأمريكي، مما أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار السلع والخدمات. هذه الزيادة تأتي على حساب العمال الذين يتقاضون أجوراً ضئيلة لا تكاد تغطي احتياجاتهم الأساسية في ظل الواقع الاقتصادي الصعب.
وقد بيّن عيسى العايد، الذي يبلغ من العمر 45 سنة، في تصريح خاص لـ سوريا 24، أنه يسكن في قرية السحل على بعد حوالي 15 كيلومتراً من مدينة الرقة. يذكر عيسى أنه يأتي يومياً إلى المدينة آملاً في العثور على عمل يومي بأجر زهيد لا يتجاوز 12 دولاراً، وقد أمضى جزءاً كبيراً من يومه في انتظار الفرص. وقال: “غالباً ما تكون الأعمال التي نؤديها شاقة جداً، خصوصاً في مواد البناء، حيث نضطر إلى رفع الأحمال الثقيلة على أكتافنا لعدة طوابق، ما يؤثر سلباً على صحتنا.” وأضاف أن الأجور منخفضة جداً مقارنة بمجهود العمل والشقاء الذي يواجهه يومياً.
من جهته، أوضح رياض الشيخ أن ظروف العمل صعبة للغاية، والأجور التي يحصلون عليها لا تتناسب مع الجهد المبذول. وعبّر رياض عن إحباطه قائلاً: “العمل شاق جداً، ولكن مع ذلك، الأجور التي نتلقاها لا تغطي حتى الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم. لكننا مضطرون لقبول هذه الأجور لأننا لا نملك خياراً آخر، فهذه هي الوسيلة الوحيدة التي تمكننا من توفير لقمة العيش.” وأضاف أن السوق لا يوفر فرص عمل منتظمة، ولذلك يضطر العمال إلى العمل بأجور زهيدة في حالات توافر فرص العمل فقط.
أما مصطفى الشعبان، أحد العمال، فقال إنهم، رغم قلة الأجور والتعب الشديد، يوافقون على العمل عندما تتوفر الفرصة. وأضاف مصطفى: “هناك أيام عديدة تمر دون أن نجد فرصة عمل واحدة، ونعود إلى بيوتنا بخيبات وأيدٍ فارغة.” وأكد مصطفى أن تقلب سوق العمل وعدم استقراره يجعل من الصعب عليهم تأمين دخل ثابت ومستمر، مما يفاقم حالتهم الاقتصادية والمعيشية.
إن واقع العمال الذين يعانون من الجمع بين الأجور المنخفضة وارتفاع الأسعار، خاصة في ظل تأثير تقلبات سعر صرف الدولار على مستوى المعيشة في الرقة، يكاد يجعل من المستحيل على عامل في هذه الظروف أن يوفر حياة كريمة لعائلته، مما يخلق حلقة مفرغة من الفقر والضغط النفسي والجسدي.
تحتاج هذه الفئة العاملة إلى اهتمام أكبر من الجهات المعنية، حيث يحلم عمال الساحات هؤلاء بتحسين ظروف عملهم، وزيادة أجورهم بما يتناسب مع متطلبات الحياة، وتوفير فرص عمل أكثر استقراراً.
تظل قصة عمال المتحف في الرقة نموذجاً حياً من قصص الهمم التي تواصل الكفاح رغم الصعوبات، وهو ما يدفعنا إلى تسليط الضوء على هذه التحديات اللازمة لحلها ودعم من يعولون أسرهم عبر هذه الأعمال الشاقة.









