في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وشح فرص العمل، عادت حرفة صناعة مكانس القش في قرى سهل الغاب لتكون ملاذاً لعشرات العائلات التي تمسكت بهذا الموروث الشعبي ليس فقط كوسيلة للرزق، بل كجزء من هويتها الثقافية.
حرفة نصنع منها لقمة العيش
أبو بشار، من قرية الحيدرية في سهل الغاب، يعمل في صناعة مكانس القش منذ أكثر من 30 عاماً.
يعتمد في عمله على أدوات بسيطة: عصا خشبية، حزم من القش، وخيوط جوت.
يقول في حديث لمنصة سوريا 24: “لا تحتاج المهنة إلى رأسمال كبير، لكنها تتطلب خبرة ودقة. تعلمتها من والدي، وهو تعلمها من جدي”.
تُباع مكانسه في الأسواق المحلية، ويُقبل عليها السكان نظراً لجودتها ومتانتها، فضلاً عن طابعها الشعبي الذي يُميّزها عن المكانس الصناعية.
ورثت المهنة وورثت التحديات
معتصم الأسعد، من القرية نفسها، يشارك أبو بشار نفس الحرفة والظروف، ويقول: “ورثت هذه المهنة عن أبي وعن جدي، لكن اليوم، لم تعد مجرد تراث، بل مصدر دخل أساسي لعائلتي”.
ويشير الأسعد إلى أن العمل لا يزال يُنفَّذ بالطرق البدائية، دون استخدام آلات حديثة.
لكن أبرز التحديات التي يواجهها هي ضيق مكان العمل: “أحياناً أضطر للعمل في الشارع، خاصة في الصيف. وفي الشتاء، أقتصر على زاوية صغيرة داخل المنزل لا تتسع إلا لي ولأشيائي”.
النساء يشاركن.. لكن العمل “موسمي”
لا تقتصر صناعة المكانس على الرجال. ففي ورشٍ صغيرة منتشرة بين قرى السهل، تعمل نساء مثل وداد الحسن في مراحل الإعداد الأولية.
تقول وداد في حديث لمنصة سوريا 24: “نشارك في قطف القش، وفرشه، وتجفيفه، قبل أن يُسلّم لعمال الشدّ الذين يصنعون المكنسة النهائية”.
وتشير إلى أن العمل يستغرق أكثر من 6 ساعات يومياً، لكنه “مؤقت”، لأن زراعة القش ليست من المحاصيل الاستراتيجية أو المدعومة من الدولة. وتضيف: “العمل متاح فقط في مواسم محددة، لكنه يبقى فرصة نادرة في ظل غياب البدائل”.
تراث يقاوم الاندثار
رغم بساطة الأدوات وقِدم التقنيات، تبقى صناعة مكانس القش واحدة من أبرز الحرف التي ما زالت حيّة في سهل الغاب.
ووسط أزمة اقتصادية خانقة، أصبح هذا الموروث الشعبي شريان حياةٍ لعشرات العائلات التي ترفض أن تُغلق صفحة الماضي، بل تصنع منه لقمة العيش في الحاضر.
 
			 
 
															













