ماذا يعني انضمام سوريا إلى التحالف الدولي؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

متابعة - سوريا 24

يبدو أن التحالف الدولي ضد تنظيم داعش مقبل على محطة تاريخية جديدة مع إعلان المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، أن الرئيس السوري أحمد الشرع سيزور واشنطن في العاشر من الشهر الجاري، لتوقيع وثيقة رسمية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لانضمام سوريا إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة منذ عام 2014.

وجاءت تصريحات باراك خلال مؤتمر حوار المنامة في البحرين، حيث أوضح أن “الرئيس السوري سينضم إلى 88 دولة أخرى تُعد شركاء في التحالف الذي تشكّل لمواجهة التنظيم الإرهابي حين اجتاح سوريا والعراق”، مضيفًا أن “هذا الانضمام يمثل تحولًا كبيرًا بالنسبة إلى سوريا والمنطقة بأكملها”.

من جانبه، أكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في تصريحات متلفزة أن “الرئيس أحمد الشرع سيزور واشنطن أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري”، مشيرًا إلى أن “إعادة الإعمار ستكون محورًا رئيسيًا في مباحثاته مع الإدارة الأميركية”، ومؤكدًا أن “سوريا تسعى إلى شراكة متوازنة مع واشنطن وعلاقات طبيعية مع جميع القوى الدولية”.

ويرى مراقبون أن هذه الزيارة التاريخية تعكس بداية مرحلة جديدة من العلاقات السورية–الأميركية بعد سنوات من القطيعة، إذ لم تشهد واشنطن سابقًا زيارة رسمية لأي رئيس سوري. ومنذ توليه الحكم في كانون الأول/ ديسمبر 2024 بعد الإطاحة ببشار الأسد، عمل الشرع على إعادة تموضع بلاده سياسيًا ودبلوماسيًا وفتح قنوات جديدة مع الغرب من بوابة مكافحة الإرهاب.

نشأة التحالف الدولي وتكوينه

تأسس التحالف الدولي ضد داعش في سبتمبر 2014 كرد جماعي على تمدد التنظيم الإرهابي في العراق وسوريا. يضم التحالف اليوم 89 عضوًا من دول ومنظمات، ويُعد أكبر تحالف دولي من نوعه منذ الحرب العالمية الثانية.
يعمل التحالف وفق استراتيجية تقوم على إلحاق الهزيمة الدائمة بداعش، وتفكيك شبكاته، وتجفيف مصادر تمويله، والتصدي لدعايته، ودعم الاستقرار في المناطق المحررة من قبضته.
تقود الولايات المتحدة التحالف عبر قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب (CJTF–OIR)، التي تشرف على التنسيق العسكري والاستخباراتي بين الأعضاء، وتقدّم التدريب والمساندة اللوجستية للقوات المحلية الشريكة في سوريا والعراق.

التمويل والبرامج الإنمائية

لا يمتلك التحالف صندوقًا موحدًا، بل يعتمد على مساهمات الدول الأعضاء. ومن أبرز أدواته صندوق تمويل الاستقرار الفوري (FFIS) الذي أُنشئ في يونيو 2015 لدعم الحكومة العراقية في إعادة إعمار المناطق المحررة.
نفّذ الصندوق أكثر من 1000 مشروع في 28 موقعًا شملت إصلاح البنى التحتية والخدمات الأساسية، وأسهم في عودة أكثر من 3.2 مليون نازح إلى ديارهم.

علاقة التحالف الدولي بسوريا والقوات الشريكة (قسد وسوريا الحرة)

يعمل التحالف في سوريا ضمن إطار دولي وتنسيق مع السلطات المحلية لتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة. وعلى مدى السنوات الماضية، اعتمد التحالف على قوات سوريا الديمقراطية (قسد) كشريك ميداني أساسي في شمال وشرق البلاد، حيث تولّت العمليات البرية الكبرى ضد داعش في الرقة ودير الزور، بدعم جوي ولوجستي من التحالف.
وقد وفّر التحالف لقسد التدريب، والمعدات، والدعم اللوجستي، والمساندة في إزالة الألغام وتأمين المناطق المدنية، ما جعلها القوة المحلية الأكثر فاعلية في الحرب ضد التنظيم.

في المقابل، ينسق التحالف أيضًا مع قوات سوريا الحرة في قاعدة التنف الواقعة عند المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن.

وتُعد هذه القاعدة من أبرز النقاط العسكرية للتحالف داخل الأراضي السورية، حيث تعمل القوات الأميركية والبريطانية إلى جانب فصائل من الجيش السوري الحر، الذي انخرط في وزارة الدفاع وكان جزءًا من إعلان النصر، الذي رسم مرحلة ما بعد الأسد في البلاد، في مهام تدريبية وأمنية لمنع عودة خلايا داعش إلى البادية السورية، وتأمين خطوط الإمداد، ورصد التحركات عبر الحدود.

هذا الوجود العسكري في التنف يُعتبر ركيزة استراتيجية للتحالف، إذ يشكّل حاجزًا جغرافيًا أمام تمدد التنظيم، وفي الوقت نفسه أداة مراقبة فعالة لأي أنشطة تهدد الاستقرار الإقليمي.

ومع انضمام سوريا المرتقب إلى التحالف، يُتوقع أن تُعاد هيكلة العلاقة بين قسد وقوات سوريا الحرة من جهة، ودمشق من جهة أخرى، عبر آليات تنسيق جديدة تضمن استمرار جهود مكافحة الإرهاب ضمن إطار وطني موحد تشرف عليه الحكومة السورية بالتعاون مع التحالف.

القواعد والانتشار العسكري

منذ عام 2014، أقام التحالف قواعد رئيسية في العراق وسوريا لدعم عملياته ضد التنظيم. في العراق تشمل القواعد عين الأسد وأربيل ومجمّع الاتحاد ببغداد، بينما تنتشر في سوريا قواعد في التنف والحسكة ودير الزور.

تُستخدم هذه القواعد لتدريب القوات المحلية، وتنسيق العمليات الجوية والاستخباراتية، وتقديم الدعم اللوجستي. ومع انضمام سوريا رسميًا، يُتوقّع أن يُعاد تنظيم هذا الانتشار بما يتيح تنسيقًا مباشرًا مع الجيش السوري الجديد ضمن أطر أمنية متفق عليها.

دور التحالف في مكافحة التطرف وتحقيق الاستقرار

ووفقًا للموقع الرسمي للتحالف، فإنه يركّز على مواجهة الإرهاب فكريًا وماليًا إلى جانب الحرب الميدانية، فقد دمّر أكثر من 30 مركزًا ماليًا تابعًا لداعش، ما أفقد التنظيم مئات الملايين من الدولارات، كما أسهم التعاون مع شركات التكنولوجيا العالمية ضمن المنتدى العالمي للإنترنت لمكافحة الإرهاب في تراجع دعاية التنظيم بنسبة 85% منذ عام 2015.

ما الذي يعنيه انضمام سوريا إلى التحالف؟

انضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد داعش يُعدّ تحوّلًا سياسيًا واستراتيجيًا بارزًا يُعيد دمشق إلى قلب المشهد الدولي من بوابة مكافحة الإرهاب.
فهو اعتراف بدورها الجديد، لكنه أيضًا يحمّلها التزامات واسعة تشمل التعاون العسكري والاستخباراتي، وضمان أمن المدنيين، واستمرار جهود الإعمار والاستقرار.

كما يُتوقّع أن يُعيد هذا الانضمام صياغة العلاقة بين التحالف وكل من قسد وقوات سوريا الحرة في التنف، في اتجاه بناء شراكة أمنية موحدة تحت مظلة الدولة السورية الجديدة، بما يضمن استمرار محاربة التنظيم ومنع عودته.
وفي نهاية المطاف، يبقى الهدف الجامع لأعضاء التحالف الـ89 واحدًا: دحر تنظيم داعش نهائيًا ومنع عودته، وتحقيق استقرار دائم في سوريا والعراق.

وإذا نجحت دمشق في تحويل هذا الانضمام من خطوة سياسية إلى التزام ميداني فعلي، فسيكون ذلك بداية لمرحلة جديدة في تاريخ سوريا، تقوم على الشراكة الدولية لا العزلة، وعلى مكافحة الإرهاب لا توظيفه.

مقالات ذات صلة