تستمر معاناة المزارعين في محافظة الحسكة مع أزمة نقص المياه التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة، في ظل تراجع معدلات الأمطار وانخفاض منسوب نهر الخابور والآبار الجوفية، ما انعكس بشكلٍ مباشر على القطاع الزراعي الذي يُعدّ من أهم مصادر الدخل في شمال شرقي سوريا.
وبينما تسعى الجهات المحلية إلى إيجاد حلولٍ مؤقتة عبر تشغيل محطات ضخ محدودة أو الاعتماد على مياه الخزانات، يواجه كثيرٌ من الفلاحين صعوبة في تأمين حاجتهم من المياه، خاصة في مناطق الريّ المكشوفة التي تعتمد كليًا على المضخات العاملة بالوقود.
يقول المزارع محمد الأحمد من ريف القامشلي لـ”سوريا 24” إن تكلفة تشغيل المضخات أصبحت عبئًا كبيرًا على المزارعين بعد ارتفاع أسعار المازوت، موضحًا أن “المزارع اليوم أمام خيارين: إما ترك أرضه من دون زراعة، أو تحمّل خسائر متوقعة نتيجة انخفاض الإنتاج بسبب قلة المياه”.
وأضاف أن عددًا من المزارعين اضطروا إلى تقليص المساحات المزروعة أو التحول إلى محاصيل أقل استهلاكًا للمياه، مثل العدس والكمون، بدلاً من القمح والذرة، في محاولةٍ للتأقلم مع الواقع الجديد.
من جهته، أشار المهندس الزراعي عبدالله الحسين إلى أن نقص المياه “دفع بعض المزارعين في عددٍ من القرى إلى استخدام مصادر غير تقليدية للريّ، منها مياه غير معالجة، مما يشكل خطرًا بيئيًا على المدى الطويل”، مؤكدًا أن “هذه الممارسات تبقى محدودة لكنها تحتاج إلى متابعةٍ ورقابةٍ مستمرة”.
وأوضح الحسين أن استخدام المياه الملوثة يؤدي إلى تلوث التربة وتراكم البكتيريا والمواد الضارة داخل النباتات، ما قد يؤثر على جودة الإنتاج الزراعي وصحة المستهلكين في حال تسويقه محليًا.
ويرى المهندس الزراعي أن معالجة أزمة المياه في الحسكة تتطلب خطةً متكاملة تشمل إصلاح شبكات الريّ القديمة، وتشجيع استخدام تقنيات الريّ الحديثة الموفّرة للمياه، إلى جانب دعم المزارعين بالوقود اللازم لتشغيل المضخات بأسعار مدعومة.
بدورها، تؤكد البلديات في الحسكة أنها تتابع أي تجاوزات تتعلق باستخدام مياهٍ غير صالحة، وتشدد على تطبيق العقوبات المنصوص عليها بحق المخالفين، بالتوازي مع تنفيذ حملات توعيةٍ للمزارعين حول أضرار الريّ غير الآمن.
يُشار إلى أن استمرار الأزمة دون تدخلٍ فعّال قد يؤدي إلى تراجع الإنتاج الزراعي وتضرر الأمن الغذائي المحلي، في منطقة لطالما اعتُبرت من أهم السلال الزراعية في سوريا.








