تصاعدت في الآونة الأخيرة المطالبات الشعبية والمهنية في ريف ديرالزور باتخاذ إجراءات فورية للحد من ممارسات الصيد الجائر في مياه نهر الفرات، لا سيما استخدام الكهرباء والديناميت
يأتي ذلك في ظل تحذيرات من تداعيات بيئية واقتصادية وخيمة على مستقبل الثروة السمكية في النهر، الذي يُعدّ شريان الحياة للمنطقة.
ممارسات ممنوعة ودمار شامل
وقال مالك عبيد، من سكان دير الزور في حديث لمنصة سوريا 24، إن من بين أبرز الممارسات التي يتم الحديث عنها في هذا السياق، ما يُعرف بـ”الصيد بالصعق الكهربائي”، حيث يقوم بعض الصيادين بتركيب مولّدات كهربائية على قوارب صغيرة لإطلاق تيار كهربائي في مياه النهر، ما يؤدي إلى شلّ الأسماك وطفوها على السطح.
كما يلجأ آخرون إلى استخدام الديناميت لتفجير أجزاء من مجرى النهر، وهي طريقة لا تقتل الأسماك فحسب، بل تقضي أيضًا على البيوض والكائنات المائية الصغيرة، وتُلحق أضرارًا جسيمة بالنظام البيئي المائي.
ويصف عبيد هذه الممارسات بأنها “دليل سيادة عقلية الإجرام والدمار في كل المناحي البيئية والطبيعية والحيوانية”، مُشدّدًا على أن “السمك ليس الضحية الوحيدة، بل كل المخلوقات التي تعيش في النهر، بما في ذلك مستقبل الأجيال القادمة التي حرمت من حقها في مورد طبيعي متجدد – لو حُفظ بحكمة”.
تداعيات كارثية
ولفت عبيد إلى أن هذه الأساليب لا تهدّد التنوّع البيولوجي فحسب، بل تقضي أيضًا على مهنة الصيد التي يمتهنها المئات من أبناء ديرالزور، والتي تُعدّ مصدر رزق رئيسي لعوائلهم منذ عقود.
وذكر أن “نهر الفرات من الأنهار الغنية بالأسماك المتنوعة”، لكن الاستمرار في الصيد الجائر، خصوصًا في مواسم التفريخ، يؤدي إلى انقراض أنواع محلية، ويهدّد الأمن الغذائي في المنطقة.
ولم يقتصر الضرر على البيئة والاقتصاد، بل تسبب الصيد الجائر أيضًا في حوادث مأساوية، أبرزها غرق الصيادين أو المواطنين الذين يسبحون في النهر إثر الصعق الكهربائي أو انفجار العبوات المتفجّرة.
مطالبات بالإصلاح المؤسسي والتشريعي
في ظل غياب الرقابة وانهيار مؤسسات الدولة في السنوات الماضية، توسّعت ظاهرة الصيد غير المشروع، ما دفع ناشطين وصيادين إلى الدعوة ليس فقط لفرض قيود تشريعية، بل أيضًا إلى إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية المكلفة بحماية البيئة والموارد الطبيعية.
وفي هذا الصدد، يرى مهند الجاسم في حديث لمنصة سوريا 24، أن “المطلوب هو الأمن والأمان، ولن يتحقق ذلك إلا بتغيير تركيبة الأجهزة الأمنية ذات الارتباط العشائري والعائلي والمليشياوي، والتي تعمل لمصلحتها الخاصة ولا تمت بأي صلة إلى الولاء الوطني أو حماية موارد سوريا”.
ويطالب السكان، حسب الجاسم، بوضع نظام صيد منظّم يشمل: تحديد مواسم صيد معيّنة تحترم دورات التفريخ الطبيعي، منع استخدام الأساليب المدمرة كالكهرباء والديناميت بشكل قاطع، إصدار تراخيص صيد مهنية تخضع لشروط بيئية وفنية صارمة، وتفعيل دور شرطة البيئة أو تشكيل وحدات متخصصة لمراقبة مجرى النهر.
مهنة تتوارثها الأجيال على حافة الانقراض
مهنة الصيد في نهر الفرات ليست مجرد وسيلة لكسب العيش، بل جزء من الهوية الثقافية المحلية، وتُمارس كهواية من قبل العديد من الأهالي، لكنّ هذا الإرث يواجه اليوم خطر الزوال إن لم تُتخذ إجراءات عاجلة لوقف “الصيد المتوحش” ومنع استنزاف النهر الذي طالما كان مصدر الحياة والخير لأبناء المنطقة.








