تتصاعد في دير الزور المطالب اليومية المرتبطة بتأمين الحد الأدنى من مقومات العيش: المازوت للتدفئة، الأدوية للعلاج، والاستقرار الأمني.
ورغم توافر نسبي للمواد الاستهلاكية في الأسواق، يبقى انعدام القوة الشرائية، وغياب آليات التوزيع المنصف، وانهيار الثقة في الأجهزة الرقابية، عوامل تعيد ترتيب أولويات السكان تجاه الاحتياجات الأساسية.
المازوت من الهموم اليومية مع حلول الشتاء
وقال ماهر الفيصل، من سكان دير الزور، في حديث لمنصة سوريا 24، إن تأمين المازوت يتباين بين السعر الرسمي غير المتاح، والمهرب المتاح وغير المضمون، إذ يُباع المازوت في دير الزور بفئتين: رسمية وغير رسمية.
وأوضح أن السعر المعلن من شركة “سادكوب للمحروقات” يبلغ 12,500 ليرة سورية للتر الواحد، أي نحو 1.25 مليون ليرة لـ100 ليتر.
وتابع أن هذا السعر غير ذي صلة بالواقع، إذ لا توجد آلية توزيع فعلية تسمح للمواطنين بالوصول إلى المادة عبر القنوات الرسمية.
في المقابل، يُباع ما يُعرف بـ”المازوت المكرر”، أي المهرب من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، بسعر 700 ألف ليرة لذات الكمية (100 ليتر)، أي بانخفاض نسبي يقارب 44% مقارنة بالسعر الرسمي، لكنه يبقى بعيداً عن متناول شريحة واسعة من السكان.
وأكد الفيصل أن “المنظمات الإنسانية والجمعيات لم توزع، منذ سنوات، أي كميات من المازوت أو وسائل التدفئة”، ما يجعل السوق الموازية المصدر الوحيد تقريباً.
المصروف الشهري لا يكفي الحد الأدنى من الكفاف
وبحسب الفيصل، فإن متوسط المصروف الشهري الذي تحتاجه أسرة مكوّنة من أربعة أفراد لتغطية “الحد الأدنى من الكفاف”، أي دون ترف، وباستثناء أي تكاليف طارئة (كالطبابة أو الإصلاحات)، يتراوح بين 2.5 و4 ملايين ليرة سورية.
ويُفسَّر الارتفاع الجزئي في السيولة خلال الأيام الأولى من كل شهر، مع صرف الرواتب، بحركة شرائية مؤقتة تشمل شراء المواد الغذائية والمستلزمات الأساسية، لكنّ هذه الحركة لا تترجم استقراراً، بل تسبقها وتليها فترات من التقشف والاقتراض، وفق المصدر ذاته.
الرقابة التموينية: غرامات بالدولار وغياب توحيد الأسعار
ورغم حملات مكثفة لدوريات التموين في الأسابيع الماضية، فإن أثرها بقي محدوداً من حيث حماية المستهلك.
ولفت مهنا الناصر، أحد سكان دير الزور، إلى أن “الرقابة ركزت على ضبط المخالفات وتحصيل الغرامات، التي فُرضت في كثير من الحالات بحسب سعر صرف الدولار، لا بالليرة، في حين أن موضوع توحيد الأسعار بقي شكلياً”.
وأضاف، في حديث لمنصة سوريا 24، أنه رغم توافر معظم المواد، لا توجد ضوابط حقيقية تمنع البائعين من تحديد الأسعار وفقاً لحسابات الربح والعرض والطلب اليومي.
واعتبر أن “التقارب في الأسعار بين المحال ناتج عن المنافسة، لا عن التزام بسقوف رسمية”.
الوضع الأمني يتصدر هموم السكان
في مقابل توافر نسبي للمواد، بات الأمن هو المحور الأبرز في النقاش المجتمعي، إذ تتكرر في الأحاديث اليومية مصطلحات مثل “الفلتان الأمني” و”الفوضى” و”غياب الضابطة الأمنية الرادعة”.
وحسب عدد من السكان، فإن حالات السرقة والسرقات الصغيرة في ارتفاع، كما تتكرر الخلافات العشائرية غير المحلولة، وسط ضعف الاستجابة المؤسسية لأي بلاغات.
ويقول الأهالي، حسب مصادرنا، إن “الشعور المشترك هو أن لا جهة تمسك بزمام الأمور بوضوح، لا في التنسيق الأمني، ولا في العدالة، ولا في منع الابتزاز”.








