في ظل بحث المزارعين عن محاصيل جديدة تواكب التغيرات المناخية وتدر مردوداً اقتصادياً أفضل، بدأت زراعة الكركديه (الشاي الأحمر) تشق طريقها حديثاً في ريف حلب الجنوبي، في تجربة تُعد الأولى من نوعها بالمنطقة، وتحمل آمالاً كبيرة في تنويع الإنتاج الزراعي وتوفير فرص دخل جديدة.
يُعرف الكركديه بأنه من النباتات ذات الجدوى الاقتصادية العالية، إذ يُستفاد من أزهاره في الصناعات الغذائية والطبية والتجميلية، كما يُستخدم كمشروب طبيعي له فوائد صحية متعددة. ومع محدودية تكاليف زراعته مقارنة بمحاصيل أخرى، يرى مزارعو ريف حلب في هذه التجربة خطوة واعدة يمكن أن تفتح آفاقاً جديدة للزراعة المحلية.
يقول المزارع مؤيد أبو علي، أحد أوائل من خاضوا التجربة في المنطقة، في حديثه لسوريا 24 : “هذه هي المرة الأولى التي أزرع فيها الكركديه في ريف حلب الجنوبي، وأتوقع أن تكون تجربة مثمرة تعود بالنفع على المزارع والمستهلك معاً. فالمحصول لا يحتاج إلى تكاليف كبيرة، وإنتاجه جيد مقارنة بجهده البسيط”.
ويشرح أبو علي مراحل الزراعة قائلاً إن الكركديه يُزرع بين منتصف أيار/مايو ومنتصف حزيران/يونيو، وهي زراعة صيفية تحتاج إلى كميات معتدلة من المياه وعناية محدودة، موضحاً: “نزرع البذور، ثم نقوم بتنظيف الأرض من الأعشاب الضارة بعد فترة قصيرة، يلي ذلك التسميد مرة واحدة فقط، ثم الري كل عشرة إلى خمسة عشر يوماً حسب نوع التربة والطقس. بعد النضج، تُقطف الأزهار وتُجفف تحت أشعة الشمس لمدة أسبوع تقريباً، ثم يُفصل الزهر عن البذور”.
وبحسب المزارع، يبلغ متوسط إنتاج الدونم الواحد نحو 100 كيلوغرام من البذور و80 كيلوغراماً من الزهر الجاف (الشاي الأحمر)، ما يجعلها زراعة ذات جدوى اقتصادية ملحوظة، خاصةً أن سعر الكيلوغرام من البذور يتراوح بين 10 و15 دولاراً، بينما يُباع الكيلوغرام من الشاي الأحمر بين 2 و3 دولارات.
ويرى خبراء زراعيون أن إدخال محاصيل جديدة مثل الكركديه إلى مناطق ريف حلب يمثل نقلة نوعية في التفكير الزراعي، خصوصاً بعد سنوات من الاعتماد على محاصيل تقليدية كالحبوب والخضروات، التي تأثرت سلباً بارتفاع التكاليف وشحّ المياه. كما أن نجاح هذه التجربة قد يشجع مزارعين آخرين على خوضها في المواسم المقبلة، ما يعزز الاستدامة الزراعية في الشمال السوري.
ويأمل المزارعون أن تحظى هذه التجربة بدعم فني وتسويقي من المنظمات الزراعية العاملة في المنطقة، لتطوير زراعة الكركديه وتحويلها إلى منتج محلي مميز يمكن تسويقه في الداخل وحتى في الأسواق الخارجية مستقبلاً.








