تتصاعد في مدينة القامشلي أزمة حادة تتعلق بجودة البطاريات وأسعارها، وسط شكاوى متزايدة من الأهالي حول تدهور الصناعة المحلية، وانتشار الغش التجاري، وغياب الرقابة الفعلية على الأسواق. وترافقت هذه الأزمة مع تزايد حالات انفجار البطاريات، التي تسببت بإصابات وتشوهات جسدية في صفوف بعض المستخدمين، الأمر الذي أثار مخاوف السكان من استمرار غياب المعايير الفنية والأمان الصناعي في منتجات الطاقة البديلة.
يقول مروان من سكان مدينة القامشلي لموقع سوريا 24 إن “جودة البطاريات المتوفرة في الأسواق ضعيفة للغاية، فيما تكاد الأنواع الأصلية تختفي تماماً. معظم المنتجات المطروحة حالياً مصنعة محلياً داخل القامشلي، لكنها تُسوَّق على أنها أوروبية أو كورية، وتُطبع عليها أسماء شركات عالمية لتباع بأسعار مرتفعة تفوق قيمتها الفعلية”. ويضيف أن “العام الحالي شهد أكثر من عشرين حادثة انفجار بطاريات، بعضها داخل المنازل أثناء استخدامها للإنارة، ما أدى إلى إصابات وتشوهات خطيرة لدى بعض الأشخاص”.
ويتابع مروان قائلاً: “المشكلة لا تقتصر على رداءة الجودة فحسب، بل تمتد إلى غياب أي التزام بالكفالة. فعندما تضعف البطارية أو تتعطل، يرفض البائع استبدالها بحجة سوء الاستخدام، لتتحول الكفالة إلى مجرد ورقة لا قيمة لها. أما الأسعار، فقد تجاوزت قدرة المواطن العادي، إذ تبدأ من نحو 65 دولاراً وتصل إلى 800 دولار للبطاريات المخصصة للطاقة الشمسية، رغم ضعف أدائها ومحدودية عمرها التشغيلي”.
من جانبه، يوضح إدريس في حديثه لموقع سوريا 24 أنه “اشترى بطارية للسيارة بقدرة 100 أمبير، قيل إنها كورية الصنع وتحتوي على كفالة لمدة عام، إلا أنها تعطلت بعد ستة أشهر فقط”. ويضيف: “عندما عدت إلى المحل، أنكر صاحب المتجر أنه باعها لي، ثم اكتشفت عبر أحد الأصدقاء أنها صناعة محلية رديئة الصنع. لحسن الحظ أن العطل لم يتسبب بانفجار، لكنه أدى إلى احتراق أضواء السيارة”. ويعتبر إدريس أن ما يجري في السوق هو “نمط من النصب المنظم الذي يستغل حاجة الناس وانعدام الرقابة”.
وفي هذا الإطار، يشير مراسل سوريا 24 في القامشلي إلى أن أصحاب المحال التجارية يتجنبون تقديم تفاصيل واضحة عن مصادر البطاريات، ويكتفون بالقول إنها “كورية ممتازة” أو “قادمة من كردستان عبر معبر سيمالكا”، بينما يعرضون في الوقت نفسه بطاريات مصنَّعة محلياً بأسعار أقل. ويضيف المراسل أن الإقبال على البطاريات المحلية بات أكبر في الآونة الأخيرة بسبب فارق السعر الكبير، على الرغم من علم الزبائن المسبق بضعف جودتها.
أما أحد أصحاب المحال في سوق القامشلي، فيؤكد لموقع سوريا 24 أن “بعض البطاريات المحلية انفجرت أثناء استخدامها في المنازل، خاصة تلك التي تُركّب لتشغيل الإنارة أثناء انقطاع الكهرباء”، مشيراً إلى أن “سوء التصنيع وعدم مراعاة شروط الأمان والتهوية الكافية أثناء الشحن والاستخدام هما السبب الرئيس وراء تلك الحوادث”. كما يلفت إلى أن بعض الورش الصغيرة تنتج البطاريات بطرق بدائية دون فحصها أو اختبارها قبل طرحها في السوق، الأمر الذي يزيد من احتمالات الانفجار أو تسرب المواد الكيميائية منها.
ويطالب عدد من الأهالي عبر سوريا 24 الجهات المحلية بضرورة وضع رقابة حقيقية على معامل تصنيع البطاريات وضبط عمليات الاستيراد والتوزيع، مؤكدين أن غياب الجهات الرقابية سمح بتنامي ظاهرة الغش التجاري والتلاعب بالمواصفات. كما دعوا إلى إنشاء مختبرات فحص جودة معتمدة تضمن سلامة المنتج قبل طرحه في الأسواق.
وبينما تتزايد الشكاوى من مخاطر البطاريات الرديئة، يتفق كثيرون على أن الأزمة تعكس تدهور قطاع الصناعات الكهربائية في المنطقة، نتيجة نقص المواد الأولية وغياب القوانين الناظمة للسوق، إضافة إلى تراجع دور الجهات الرقابية في حماية المستهلك.
وهكذا، تتفاقم أزمة البطاريات في القامشلي يوماً بعد يوم، مع استمرار الغش التجاري وارتفاع الأسعار وغياب الرقابة، ما يضع المستهلك أمام معادلة قاسية تجمع بين خطر الانفجار وضعف الجودة وانعدام الثقة بالكفالات والوعود التجارية، في وقت تبدو فيه الحاجة ملحة لإجراءات جذرية توقف هذا التدهور وتعيد للسوق توازنه وأمانه.









