يشكّل جمع الخردة في مدينة الرقة نشاطًا اقتصاديًا متناميًا يعتمد عليه العديد من السكان كمصدر دخل رئيسي في ظل التدهور المعيشي وندرة فرص العمل. ومع غياب الدعم الرسمي وتفاقم الأوضاع الاقتصادية، أصبح هذا العمل غير الرسمي ركيزة أساسية لتأمين الاحتياجات اليومية لعشرات العائلات في المدينة وضواحيها.
في هذا السياق، يُعدّ جمع الخردة من العبوات المعدنية والقطع البلاستيكية والأجهزة الكهربائية المعطلة من أبرز مصادر الدخل لعدد كبير من الأهالي في الرقة، إذ أصبح وسيلة حيوية تمكّن الكثيرين من كسب رزقهم في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المدينة.
ويتنقل جامعو الخردة يوميًا في أحياء الرقة وريفها بحثًا عن المواد القابلة لإعادة التدوير، حيث تُنقل هذه المواد لاحقًا إلى مراكز متخصصة لفرزها بحسب النوع والجودة. ويُعد مركز الرميلة داخل المدينة ومركز الحمام غربها من أبرز نقاط تجميع الخردة، إذ تُجمع فيهما المواد المعدنية والبلاستيكية قبل بيعها لورش ومعامل إعادة التدوير.
وفي حديثه لـ سوريا 24، قال عبد الرحمن الخطيب، أحد العاملين في هذا المجال: “نقوم بالتنقل يوميًا بين الأحياء والقرى لجمع العبوات المعدنية والقطع البلاستيكية. وفي بعض الأحيان، نلجأ إلى المقايضة مع السكان عندما لا نملك المال الكافي، فنقدّم لهم مواد تنظيف أو أدوات منزلية مقابل الخردة التي نحتاجها.”
من جهة أخرى، أوضحت فريدة علي، وهي من سكان الأحياء الشعبية في الرقة، لـ سوريا 24 أن “الكثير من الأسر تعتمد على بيع الخردة كدخل إضافي في ظل قلة فرص العمل. نقوم بجمع القطع غير الضرورية في المنزل وبيعها أو استبدالها بما نحتاجه من مستلزمات، مما يساعدنا على تخفيف الأعباء المعيشية.”
أما صالح الداود، المشرف على مركز الرميلة، فقد أكد لـ سوريا 24 أهمية الدقة في فرز المواد قبل بيعها، موضحًا: “نخضع المواد التي تصلنا لعمليات فرز دقيقة حسب نوع المعدن أو البلاستيك، الأمر الذي يرفع جودة المنتج النهائي ويزيد من أرباح العاملين في هذا القطاع، إضافة إلى تحسين كفاءة عمليات إعادة التدوير.”
وبذلك، يشكّل جمع الخردة محورًا اقتصاديًا حيويًا في الرقة، إذ يوفّر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة ويساهم في تقليل النفايات وتعزيز ثقافة إعادة التدوير المستدامة. ورغم ما يواجهه العاملون في هذا المجال من تحديات مثل صعوبة التنقل، وارتفاع المنافسة، وضعف الدعم المؤسسي، إلا أنهم يواصلون عملهم بإصرار لتأمين سبل العيش ودعم أسرهم في ظل واقع اقتصادي متقلب.








