خفض أسعار الطاقة.. وانعكاساته على السوق

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

أثار قرار وزارة الطاقة، الصادر قبل يومين، والقاضي بخفض أسعار المشتقات النفطية، تفاعلاً لافتًا في الأوساط الصناعية والاقتصادية، بعد الإعلان عن بدء العمل بالتسعيرة الجديدة اعتبارًا من 12 تشرين الثاني 2025.

وشملت اللائحة الجديدة تخفيض سعر البنزين أوكتان 90 إلى 0.85 دولار لليتر، بعد أن كان 1.10 دولار، والمازوت إلى 0.75 بعد 0.95، في حين انخفض سعر أسطوانة الغاز المنزلي إلى 10.5 دولارات، والغاز الصناعي إلى 16.8 دولارًا.

وأكد وزير الطاقة، محمد البشير، أن القرار يأتي ضمن خطة إصلاح قطاع الطاقة بهدف تحسين كفاءة الاستهلاك وتخفيف الأعباء المعيشية مع اقتراب فصل الشتاء.

ترحيب بالقرار

من جهته، رحّب الصناعي مصطفى حميدي بالقرار، موضحًا خلال حديثه لموقع “سوريا 24” أن “نسبة مساهمة الطاقة في الإنتاج كبيرة، وأيّ تخفيض ينعكس مباشرة على كلفة الإنتاج، ويزيد القدرة التنافسية، ويؤدي إلى انخفاض الأسعار على المستهلك، فضلًا عن خفض تكاليف النقل”.

وأضاف: “صحيح أن القرار وحده لا يكفي، لكنه خطوة بالغة الأهمية”، مشيرًا إلى الحاجة إلى توفير أنواع أخرى من مصادر الطاقة الصناعية، مثل الفيول والمازوت الصناعي والغاز، في المراحل المقبلة.

ولفت حميدي إلى أن مصافي النفط في البلاد “متهالكة وتعمل بكلفة مرتفعة، وجودة المواد المستخرجة منها محدودة”، معتبراً أن الإنتاج الحالي “أفضل الممكن قياسًا بالإرث الذي خلّفه النظام السابق”.

وكشف عن توجيهه، قبل صدور القرار، رسالة رسمية إلى مديرية الصناعة تضمّنت شكاوى العاملين في القطاع من ارتفاع تكاليف الطاقة، والعمل في كثير من الأحيان بهوامش أرباح تكاد تصل إلى الصفر.

وأوضح أن تحديد سعر تنافسي مثالي “غير ممكن في بيئة غير مستقرة مثل سوريا، حيث تتوزع مناطق الاستخراج والمصافي بين سلطات متعددة، وتتعرض طرق الإمداد لتجاذبات سياسية”.

لكنه أكد أن خفض 20 سنتًا “سيترك أثرًا إيجابيًا على الصناعة والنقل والقطاع الصحي والمشافي، وسيسهم في تخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين”.

الجدوى مرهونة بالالتزام

يرى مراقبون أن انعكاس القرار على الأسعار النهائية مرهون بمدى التزام التجار، في ظل غياب المنافسة، وهيمنة الاحتكار، وضعف رقابة السوق، ما يجعل النتائج غير مضمونة بالكامل خلال المرحلة المقبلة.

حيث أوضح الصحفي المختص بالشأن الاقتصادي، فؤاد عبد العزيز، أن خفض أسعار المحروقات “يُفترض نظريًا أن يؤدي إلى انخفاض الأسعار، لأن الطاقة والنقل عنصران أساسيان في كلفة أغلب السلع والخدمات”.

لكنه أشار إلى أن الواقع السوري “يعاني تعقيدات بنيوية، أبرزها الاحتكار وغياب المنافسة وضعف الرقابة”، ما قد يدفع التجار إلى الإبقاء على الأسعار على حالها.

كما لفت إلى أن عدم استقرار سعر الصرف يشكّل “ذريعة دائمة بيد التجار”، بينما قد يستخدمون رفع أسعار الكهرباء سابقًا لتبرير الامتناع عن التخفيض.

وبيّن عبد العزيز أن الانخفاض المرجّح سيكون “محدودًا”، لا سيما في قطاع النقل، وهو ما قد يخفف جزءًا من تكاليف المعيشة التي تستنزف نحو 15 في المئة من دخل المواطن.

وأكد أن القرار “اقتصادي بحت”، مرتبط بزيادة إنتاج النفط ومنحة نفطية تجاوزت 1.5 مليون برميل، لكنه شدد في ختام حديثه على أن خفض الأسعار لن يحقق أثره الكامل “ما لم يترافق مع زيادة الإنتاج المحلي، حتى لا تتحمل الحكومة عبء دعم طويل الأمد يؤثر في خدماتها ومشاريعها”.

ورغم أن قرار خفض أسعار المشتقات النفطية يشكّل خطوة إيجابية في مسار إصلاح قطاع الطاقة، فإنه لا يكفي وحده لإحداث تحول جوهري في السوق ما لم يُستكمل بإجراءات تعزّز الإنتاج المحلي، وتحد من الاحتكار، وتضبط حركة الأسعار.

وبين تفاؤل الصناعيين الذين رأوا في القرار متنفسًا لكلف الإنتاج، وتحفظ الخبراء الذين يحذرون من تعقيدات السوق السورية، يبقى المواطن الحلقة الأكثر تأثرًا بهذه التغييرات، في انتظار نتائج ملموسة تعكس تحسنًا حقيقيًا في حياته اليومية.

مقالات ذات صلة