ريف حلب: الدمار وانعدام الخدمات يعيقان تعافي بلدة كفر كلبين

Facebook
WhatsApp
Telegram

شهم أرفاد - سوريا 24

في أقصى الريف الشمالي، تبدو بلدة كفر كلبين كأنها تعيش في مساحة معلّقة خارج دورة الخدمات الأساسية.
حياة يومية ثقيلة تتكرر بين طرقات غير صالحة، ومياه مقطوعة منذ أشهر، ومدارس فقدت قدرتها على احتضان طلابها، وزراعة تتراجع تحت وطأة الجفاف وغياب الدعم.
ورغم ازدياد عدد السكان وتمدّد العمران، بقيت البلدة بعيدة عن أي خطة حقيقية تُحسّن واقعها أو تعيد لها ما فقدته على مدى سنوات طويلة.

شهادة المواطن أبو محمود
يصف المواطن أبو محمود الوضع في كفر كلبين بأنه “سيئ جداً” من الناحية الخدمية، موضحاً أن أكبر ما يؤثر على حياة الأهالي هو انعدام المياه بشكل كامل، إلى جانب تردي الطرقات التي وصلت إلى مرحلة “لا تصلح للاستخدام”.

ويضيف خلال حديثه لموقع *سوريا 24* أن غياب دعم الزراعة، رغم أنها مصدر العمل الأساسي للأهالي، فاقم من معاناة المزارعين، خاصة مع الجفاف وارتفاع تكاليف البذار.
ويرى أبو محمود أن أكبر مشكلتين تواجهان السكان اليوم هما:

* أزمة المياه
* تراجع قطاع التعليم

ويشير إلى أن السكان لا يشعرون بأي تحسّن خلال العام الماضي، بل إن الوضع اتجه للأسوأ بسبب تجاهل المناطق المحررة منذ سنوات، مقابل تركيز المشاريع في المناطق المحررة حديثاً.
أما غلاء الأسعار، فيُتعامل معه الأهالي بالبحث عن السلع الأرخص في ظل غياب الرقابة الميدانية على الأسواق، ويؤكد أبو محمود أن حرمان مناطق الشمال من الخدمات الأساسية “ظلم كبير”، وأن تحسين حياة الناس يبدأ من معالجة ملفات المياه والطرقات والتعليم بشكل عاجل.

تفاقم المعاناة
يتفق رامي محمد هاني جبران، رئيس المجلس المحلي، مع ما يقوله الأهالي، مؤكداً لموقع *سوريا 24* أن البلدة تعاني من:

* انعدام المياه منذ أشهر دون أي محاولة حقيقية لإعادة الضخ.
* تهالك كامل في الطرقات، وخاصة في أول 400 متر من الطرق الحيوية: طريق جارز، طريق ندة، طريق عين دقنة، والطريق المؤدي إلى المدرسة.
* ضعف كبير في النظافة نتيجة غياب التمويل، رغم استمرار سيارة النظافة بالعمل للحفاظ على الحد الأدنى من الخدمة.

ويشير جبران إلى أن عدد سكان البلدة يبلغ نحو 12 ألف نسمة، مع وجود وافدين جدد من تركيا، وعدم عودة النازحين، ما يرفع الضغط الخدمي على البلدة.
أما القطاع التعليمي، فيتكوّن من مدرستين، ابتدائية وإعدادية، إلا أنهما تعانيان من صفوف ومقاعد مهترئة وغياب شبه كامل للتجهيزات، ولا يوجد أي دعم رسمي سوى أجور بسيطة للمعلمين.
ويضيف أن الوضع الصحي أفضل نسبياً بعد بقاء مستوصف واحد فقط، عقب انسحاب نقطة الدفاع المدني الطبية بعد التحرير.
أما الكهرباء، فوضعها جيد، لكن الشركة المشغلة تضغط على البلدية لدفع فواتير الإنارة العامة، في حين أن المجلس غير ممول، ما يؤدي إلى تأخر في السداد.

ويُبيّن رئيس المجلس أن أكبر العقبات الإدارية هي أن كفر كلبين غير مدرجة كبلدية مستقلة منذ ضمّها إلى بلدية جبرين بموجب مرسوم عام 2010، ما أدى إلى تعطّل عدد كبير من الخدمات.
وقد وجّه المجلس عدة كتب للمطالبة باستحداث بلدية جديدة، وهناك وعود، لكن “القرار ما يزال معلقاً”، والشتاء يقترب والطرق غير مهيّأة إطلاقاً.

بين شهادة المواطن أبو محمود ورؤية رئيس المجلس المحلي، تبرز صورة واحدة: بلدة أنهكها الإهمال وغياب الخدمات الأساسية.
ورغم حجم المشكلات في المياه والطرقات والتعليم والزراعة، ما تزال مطالب الأهالي بسيطة وواضحة: مياه تصل إلى البيوت، طرقات صالحة للاستخدام، مدارس آمنة، ودعم زراعي يخفف العبء عن المزارعين.

كفر كلبين، التي احتضنت آلاف المهجرين خلال سنوات الثورة، تنتظر اليوم خطوة إدارية واحدة قد تعيد لها حقّها الطبيعي: استحداث بلدية مستقلة تكون قادرة على إدارة شؤونها وتنفيذ مشاريع تخدم مجتمعاً ينتظر أبسط مقومات الحياة.

 

مقالات ذات صلة