بعد عودتهم من التهجير… أهالي دير العصافير يواجهون فراغًا خدميًا خانقًا

Facebook
WhatsApp
Telegram

منيرة بالوش - سوريا 24

تُعد بلدة دير العصافير واحدة من البلدات التي دفعت ثمنًا باهظًا منذ الأيام الأولى للثورة السورية، وصولًا إلى مرحلة سيطرة قوات النظام على الغوطة الشرقية، وما تبع ذلك من تهجير وإهمال خدمي ما زال مستمرًا حتى اليوم.

منذ نيسان/أبريل 2011، برزت دير العصافير كأحد أوائل الأصوات المنتفضة في الغوطة الشرقية، إذ شهدت أولى المظاهرات الشعبية التي شارك فيها أبناء البلدة، قبل أن يلتحقوا بالحراك في المدن المجاورة مثل عربين ودوما وحي الميدان.

وخلال فترة المواجهات، تحولت البلدة إلى ملاذ لثوار الغوطة، ومنها انطلق أول فصيل مسلح في المنطقة، وهو “لواء أمهات المؤمنين”، الذي ضم كتائب متعددة حملت أسماء زوجات النبي، وتشكّل من أبناء دير العصافير والقرى المحيطة مثل الغزلانية وزبدين وشبعا وحي التركمان.

تهجير متكرر ومصالحات منتهكة

محمد بكار، أحد أبناء البلدة، يروي لـ”سوريا 24” جانبًا من ذاكرة الألم، ويقول: “عام 2016 تعرّضت دير العصافير لتهجير واسع نحو القطاع الأوسط في الغوطة الشرقية، قبل أن يأتي عام 2018 بما حمله من التهجير الأكبر نحو الشمال السوري”.

ويضيف أن ما بين 200 إلى 300 عائلة من أبناء البلدة ممّن بقوا في الغوطة اضطروا إلى القبول بـ”مصالحة” مع قوات النظام، مضيفًا: “للأسف، كانت المصالحات مجرد خدعة، إذ اعتُقل عشرات من أبناء البلدة بعد تسوية أوضاعهم، وهناك نحو 300 شخص لا يزالون مغيبين في سجون النظام، كثير منهم قضوا تحت التعذيب”.

عودة بلا خدمات

بعد سيطرة النظام على المنطقة، بدأ قسم من المهجّرين بالعودة تدريجيًا إلى دير العصافير. ووفق بكار، عاد ما بين 200 إلى 300 عائلة من الشمال، ليصل اليوم عدد السكان إلى نحو 2700 عائلة، موزعين بين البلدة والمناطق التابعة لها، مثل حوش الدوير والركابية، لكن العودة لم تكن نهاية المعاناة، بل بداية فصل جديد من الإهمال.

خدمات غائبة ومرافق خارج الخدمة

أبو علي مصعب، عضو مجلس أعيان البلدة، يقول لـ”سوريا 24″ إن المظاهر الخدمية في البلدة “موجودة اسمًا وغائبة فعلاً”. ويوضح: “هناك مجلس محلي، ومستشفى على العظم، ومستوصف، ومدارس، ومقر حزبي تحوّل لاحقًا إلى مركز ثقافي… لكن عمليًا، معظم هذه المرافق خارج الخدمة ولا تقدم شيئًا يُذكر”.

ويشير إلى أن عمل المجلس المحلي يكاد يقتصر على النظافة وتنظيم شؤون البناء، أما الخدمات الأساسية فهي “صفر” وفق تعبيره. ويضيف: “منذ 16 يومًا لا توجد تغطية لشبكة سيرياتيل بسبب أعطال في البرج أو في البطاريات، ولم يتحرك أحد لإصلاحها رغم حجم الحاجة”.

قطاع الصحة يبدو الأكثر تدهورًا؛ فالمستوصف فيه طبيب عام وفريق لقاح، وطبيب أسنان، لكن العيادة بلا كرسي… أي بلا إمكانية للعمل”، كما يقول أبو علي.

أما المستشفى، فبحاجة إلى إعادة تأهيل كاملة، ويقول: “راجعنا وزارة الصحة مرارًا ولم نجد أي استجابة، والناس تضطر إلى الذهاب إلى مشفى المجتهد في دمشق، وهو أقرب نقطة علاجية فعّالة رغم المسافة والمعاناة”.

مدارس مهدمة ودعم معدوم

فيما يخص القطاع التعليمي، تضم البلدة سبع مدارس تابعة إداريًا لعدة مناطق، اثنتان منها مدمرتان بشكل كامل. أما باقي المدارس، فقد أُعيد تشغيلها بجهود أهلية بحتة، ودون أي دور حكومي فعلي.

ويختتم أبو علي بالقول: “كل ما يحدث اليوم هو جهود المجتمع المحلي… الجهود الحكومية شبه غائبة، والخدمات الصحية والتعليمية في مستوى ما تحت الصفر. الناس عادت إلى بيوتها، لكنها لم تعد إلى حياة طبيعية”.

 

مقالات ذات صلة