دير الزور: تحديات الري والأعلاف تعطل التعافي الزراعي والحيواني

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

يواجه القطاع الزراعي والحيواني في ريف دير الزور الشرقي، رغم موقعه الجغرافي المميز على ضفاف نهر الفرات وامتلاكه آلاف الهكتارات القابلة للزراعة، سلسلة متشابكة من التحديات البنيوية والتشغيلية التي أعاقت تعافيه.

وأدى تراكم الإهمال في البنية التحتية خلال السنوات الأخيرة، إلى واقع مترد يهدد استدامة سبل العيش لأهالي المنطقة ويضعف قدرتها على الإسهام في الأمن الغذائي المحلي.

الناشط المدني مالك عبيد، من سكان ريف دير الزور الشرقي، أوضح في حديث لمنصة سوريا 24 أن تردي أنظمة الري يعد أحد أبرز العوائق أمام النهوض بالزراعة.

ولفت إلى أن معظم المزارعين ما زالوا يعتمدون على قنوات توزيع تقليدية متهالكة، تفتقر إلى الصيانة الدورية وتشهد هدرا كبيرا في المياه، في ظل غياب شبه تام لأنظمة الري الحديثة كالتنقيط أو الرش.

ويزداد الوضع تعقيدا مع شح محركات رفع المياه، ما يحرم مساحات واسعة من الأراضي المرتفعة من الاستفادة من مياه النهر، رغم جدواها الزراعية.

وينسحب هذا الإهمال البنيوي على المعدات الزراعية عموما، حيث يعاني المزارعون من غياب مراكز صيانة موثوقة، وندرة قطع الغيار، وضعف خدمات ما بعد البيع، ما يطيل فترات تعطل الجرارات والمعدات في مواسم الذروة، وفق المصدر ذاته.

أما في قطاع الثروة الحيوانية، فالوضع لا يقل صعوبة، فغياب محطات تربية منظمة للأبقار أو مراكز حلب حديثة يضعف جودة الإنتاج ويرفع معدلات النفوق، خصوصا في ظل ضعف التغطية البيطرية وانعدام برامج المراقبة الدورية للأمراض المشتركة.

وفي هذا الجانب، قال عبيد إن العبء يزداد على المربين جراء ارتفاع أسعار الأعلاف المركبة، لا سيما النخالة وفول الصويا، في وقت تراجعت فيه زراعة المحاصيل العلفية محليا بسبب ارتفاع تكاليف المدخلات وغياب الحوافز.

ويعود جزء من هذا الارتفاع في الكلف إلى ارتفاع أسعار الوقود والأسمدة والبذور المحسنة، ما يقلص هوامش الربح ويجبر عددا متزايدا من المربين على خفض رؤوس أغنامهم أو بيعها تدريجيا.

إلى جانب هذه العوائق الفنية، تفاقمت أزمة اليد العاملة بسبب موجات الهجرة التي شهدتها المنطقة خلال سنوات الحرب وما تلاها من انهيار اقتصادي.

وفي هذا السياق، أطلقت مديرية دعم الإنتاج الزراعي في دير الزور، بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، دراسة ميدانية في مدن موحسن والبوليل والبوعمرو والمريعية، تهدف إلى توثيق هذه التحديات بدقة وتحليل تفاعلاتها الميدانية، تمهيدا لوضع تدخلات قائمة على الأدلة.

وتغطي الدراسة جوانب متعددة تشمل أعداد ونوعية الثروة الحيوانية، وانتشار الأمراض، وبنية سوق الأعلاف، فضلا عن تقييم كفاءة الري، وأنواع المحاصيل السائدة، واعتماد الفلاحين على التقنيات الحديثة. كما تضمنت مسحا للنمط الغذائي المنزلي وربطه بالمردود الاقتصادي، في محاولة لفهم ديناميكيات سبل العيش الزراعية من زاوية شاملة.

وذكر عبيد أن مدينة موحسن والبلدات المجاورة لها تعد من المحاور الإنتاجية الأساسية في دعم محافظة دير الزور بالمنتجات الزراعية والحيوانية.

وأضاف أن مدينة موحسن والبلدات المجاورة لها في دير الزور، والتي تحاذي نهر الفرات، من المدن المهمة في دعم المحافظة بالمنتجات الحيوانية والزراعية، حيث هناك الآلاف من الهكتارات الزراعية تنتظر تحسين الواقع الخدمي لها من حيث إيجاد قنوات حديثة للري، بالإضافة إلى المعدات الزراعية الحديثة وتأمين المحركات اللازمة لرفع المياه إلى تلك القنوات.

وتابع أن منظمة الفاو لها خبرات طويلة ودراسات لواقع تلك المنطقة، وبالتالي هي تعمل الآن، وبتضافر عدة جهات، لإيجاد الحلول الدائمة لحل كل المشاكل والمعوقات لتحسين الواقع الزراعي وتحسين مشاريع الإنتاج الحيواني، بتأمين وإنشاء محطات الأبقار وتأمين الأعلاف، من خلال تحسين واقع الزراعة بالسبل الحديثة للري وتأمين الأسمدة اللازمة.

ونقل عبيد عن عدد من المزارعين قولهم إن كل هذه الجهود تستلزم دعما شاملا لتحسين هذا الواقع الذي تم إهماله لعقود من الزمن، والآن بعد انتهاء الحرب بدأت المنظمة بدراسة وإيجاد حلول مستدامة لتحسين هذا الواقع المتردي، بعد تأمين الدعم اللازم لإطلاق مشاريع جديدة للتعافي لهذين القطاعين المهمين.

واعتبر المزارعون أن ذلك سوف يسهم في تنشيط مدن موحسن والبوليل والبوعمر والمريعية لتستعيد عافيتها وتبدأ بدعم المحافظة بالمنتجات الزراعية والحيوانية، وبالتالي تحسين واقع المحافظة في هذا المجال، وفق تعبيرهم.

وتشير المؤشرات الأولية، حسب عبيد، إلى أن التدخلات المستقبلية من المنظمات الدولية الداعمة، ستركز على حلول متكاملة: من تأهيل شبكات ري صغيرة تعتمد على الجاذبية أو الطاقة الشمسية، إلى دعم تأسيس تعاونيات أعلاف محلية، وتقديم تدريب فني موجه للصحة الحيوانية والإدارة الزراعية، فضلا عن مساع لربط المنتجين بأسواق المحافظة عبر سلاسل توريد قصيرة.

مقالات ذات صلة