تواجه دمشق اضطرابًا متفاقمًا في قطاع النقل، حيث ترتفع أجور سيارات الأجرة بصورة غير منضبطة في ظل غياب العدادات واعتماد السائقين على الاتفاقات الشفوية لتحديد تكلفة أي رحلة. هذا الأسلوب أدى إلى اتساع الفجوة بين المسافات الفعلية والمبالغ المطلوبة، ووضع الركاب أمام مفاجآت غير متوقعة عند نهاية الرحلة، خاصة عندما ينسون الاتفاق مسبقًا على السعر.
يقول فادي، وهو صاحب محل تجاري يعتمد على التاكسي بشكل يومي، في حديثه لـ “سوريا 24”:
“المسافة بين ساحة السبع بحرات وجسر الحرية قصيرة ومعروفة، ومع ذلك تتراوح الأجرة بين 15 و30 ألف ليرة. لا يوجد معيار ثابت، وكل سائق يحدد المبلغ وفق تقديره الشخصي.”
أما مروان، وهو طالب جامعي يعيش في ضواحي دمشق، فيوضح أن الأجور ترتفع على نحو أكبر في الخطوط المؤدية خارج مركز المدينة، قائلًا لـ “سوريا 24”: “الأجرة نحو قدسيا تتراوح بين 40 و70 ألف ليرة. المسافة لا تتغير، لكن السعر يتبدل بالكامل بحسب الاتفاق. وإن لم يتم الاتفاق قبل الركوب، فقد يفاجأ الراكب بمبلغ مرتفع عند الوصول.”
ويشير إلى أن غياب العدادات يحرم الركاب من أي مرجع يمكن الاحتكام إليه: “الاعتراض بعد انتهاء الرحلة يكاد يكون بلا فائدة، لأن السائق يعتبر المبلغ الذي يطلبه أمرًا نهائيًا، والراكب غالبًا يضطر للدفع لتجنب المشكلات.”
من جانبها، تقول سمر، وهي ربة منزل تستخدم التاكسي غالبًا في تنقلاتها، إن الأزمة مرتبطة قبل كل شيء بانعدام التنظيم: “ما يواجهه الركاب اليوم ليس مجرد ارتفاع في الأسعار، بل غياب منظومة واضحة تحدد التعرفة وتضبط التفاوت الكبير بين السائقين.”
أما السائقون، فقد أوضح بعضهم لـ “سوريا 24” أن ارتفاع تكاليف الصيانة وغلاء قطع الغيار يجعل الالتزام بأي تعرفة رسمية أمرًا صعبًا، معتبرين أن الظروف الاقتصادية تضطرهم إلى رفع الأجور. في المقابل، يرى المواطنون أن انخفاض أسعار المحروقات كان يجب أن يؤدي إلى تراجع ملموس في التكلفة، لا استمرار ارتفاعها.
وبالنسبة لباصات النقل الداخلي الحكومية، فقد بقيت تعرفة الراكب عند 3000 ليرة سورية بعد أن كانت 2000 ليرة سورية قبل أسابيع، رغم انخفاض أسعار المحروقات. ويقول أبو منصور، وهو موظف يستخدم هذه الباصات بشكل يومي، لـ “سوريا 24”: “أستخدم الباص مرتين أو ثلاثًا في اليوم، وهذه الزيادة أصبحت تستنزف جزءًا من راتبي الشهري. توقعنا تخفيض التعرفة بعد انخفاض أسعار الوقود، لكن شيئًا لم يتغير، مما زاد الضغط على العائلات.”
ويضيف: “النقل العام لم يعد الخيار الاقتصادي كما كان في السابق، وأصبحت تكلفته تشكل عبئًا ثابتًا في ميزانيات كثير من الأسر.”
وبين تفاوت أسعار التكاسي وثبات أجور النقل الداخلي، يتزايد شعور المواطنين بالحاجة إلى نظام نقل أكثر عدالة وتنظيمًا، يعتمد على عدادات فاعلة وتعرفة واضحة ورقابة حقيقية، بما يضمن توازنًا بين احتياجات الركاب وواقع السائقين في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.












