دير الزور: صعوبات تعيق المصالح العقارية رغم استئناف عملها

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

تواجه مديرية المصالح العقارية في دير الزور صعوبات رغم استئناف عملها بعد توقف دام سنوات، نتيجة تضرر المبنى بسبب قصف قوات النظام السابق، وفقدان جزء من السجلات العقارية.

نحو 70% نسبة السجلات المفقودة
وبحسب تقديرات الموظفين العاملين في المديرية، فقد وصلت نسبة السجلات المفقودة إلى نحو 70%، بين تلف جراء القصف، وسرقة وحرق أجزاء منها أثناء سيطرة تنظيم داعش، الذي نقل بعض السجلات إلى الميادين قبل إتلاف قسم منها.

ويؤثر غياب هذه الوثائق مباشرة على قدرة الدائرة على توثيق العقارات أو إصدار سندات ملكية جديدة، ما يُبطئ الإجراءات المتعلقة بتسجيل الملكيات أو تصحيح بياناتها.

ويُجبر غياب السجلات الأصلية المالكين على اللجوء إلى إجراءات قضائية بديلة، عبر تقديم دعاوى أمام محكمة البداية مدعمة بشهود، ثم مراجعة القاضي العقاري لإصدار قرار يُحوّل بعده إلى السجل لإصدار سند ملكية.

وهذه الآلية، رغم قانونيتها، تتطلب وقتاً أطول وتزيد العبء على المحاكم والدوائر العقارية على حد سواء.

نظام عقاري قديم
وقال الناشط المدني عبد الله الحسين، من سكان دير الزور، في حديث لمنصة سوريا 24، إن سوريا واحدة من أربع دول فقط في العالم، إلى جانب إنكلترا والنمسا وتركيا، ما زالت تعتمد النظام العقاري القديم، الذي يعتمد على التوثيق المتعدد: سند ملكية بحوزة المالك، وسجل في مديرية العقارات بالمحافظة، ونسخة في الإدارة العامة بدمشق، وسجل رابع في الناحية أو المدينة التابعة.

وتابع: “ورغم دقة هذا النظام في تثبيت الحقوق، فإن تضرر السجلات المحلية، كما في دير الزور، يُفقد جزءاً كبيراً من قيمته العملية”.

وأشار الحسين إلى أن النظام السابق أصدر قراراً بإيقاف العمل في السجل العقاري بمحافظات متضررة، من بينها دير الزور، بذريعة إعادة الإعمار الشامل.

لكن المشروع لم يُنفذ، بل تُرك الملف معلقاً، في حين استغل بعض الأطراف المقربة من الأجهزة الوضع لشراء عقارات بأسعار زهيدة عبر سماسرة، قبل أن ينسحبوا لاحقاً مع تغير الظروف الميدانية، وفق كلام الحسين.

وبشأن الحلول الحالية، أكد الحسين أن مبادرة المديرية الجديدة، المتمثلة في إجراء كشف ميداني على العقارات لتحديد موقعها الجغرافي واسم المنطقة ورقم السجل إن وُجد، تُعد خطوة إيجابية. وشرح أنه وفقاً للإجراءات القانونية، يحق لأي مواطن فقد سند ملكيته رفع دعوى أمام محكمة البداية مدعمة بشهود، ثم يُحال القرار إلى القاضي العقاري، ليُصدر بعدها قرار يُوجّه إلى السجل لإصدار سند جديد.

وأضاف أن هذه الآلية، رغم تعقيدها، قد تُسهم في حل مشكلات عدد كبير من المواطنين الذين فقدوا وثائقهم.

ما علاقة داعش بضياع سجلات الملكية؟
وأوضح أن جزءاً من السجلات لم يُدمر جراء القصف فحسب، بل نُقل قسم منها إلى الميادين من قبل تنظيم داعش، ثم أُحرق بعضها، ونتيجة لذلك، لا يمكن للدائرة التصديق على طلبات تسجيل أو تصحيح بيانات العقارات التي كانت موثقة في تلك السجلات المحروقة، إلا بالرجوع إلى أصل السجل، وهو غير متوفر، أو اللجوء إلى الإجراءات القضائية البديلة.

مبادرات رغم التحديات
ورغم كل ذلك، بدأت خطوات عملية لإعادة تفعيل العمل، منها انتهاء منظمة دولية من تأهيل الطابق الأول من مبنى المديرية في تشرين الأول 2025، وبدء شعبة السجلات الملكية مزاولة مهامها جزئياً.

كما سبق ذلك تأهيل المبنى كاملاً (الطابق الأرضي والأول والثاني) في نيسان 2025. واستؤنف توثيق عقود وضع وترقين الإشارات، وفقاً لقانون السجل العقاري والتعليمات التنفيذية.

إحدى المبادرات التي أطلقتها المديرية مؤخراً هي إجراء كشف ميداني على العقارات المتنازع عليها أو غير المسجلة، بهدف توثيق موقعها الجغرافي، واسم المنطقة، ورقم السجل، إن وُجد.

وتُعتبر هذه الخطوة، رغم محدوديتها، مدخلاً لإعادة بناء جزء من السجل المفقود، خصوصاً إذا رُبطت بقاعدة بيانات موحدة مستقبلاً.

مع ذلك، لا تزال المديرية تعاني من نقص في الكوادر المؤهلة، وعدم وجود نظام رقمي لحفظ السجلات أو استعادتها.

ولا توجد حتى الآن خطة وطنية شاملة لاسترجاع السجلات المفقودة، سواء عبر استنساخها من مديريات أخرى، أو عبر تأسيس أرشيف احتياطي مركزي يُجنب تكرار الانهيار الوثائقي في حالات طارئة مماثلة.

يبقى أن غياب جزء كبير من السجلات العقارية لا يُشكل عائقاً إدارياً فحسب، بل يؤثر على وضوح الملكية، ويُصعّب حل النزاعات، ويقلل من فرص الاستثمار العقاري، في ظل غياب الضمانة القانونية الكاملة للملكية.

ويبقى الحل المعتمد حالياً، عبر المحاكم والشهود، هو الوسيلة الأقرب تطبيقاً، رغم بطئه وتكلفته، لحين استكمال البنية التحتية القانونية والتقنية المطلوبة.

مقالات ذات صلة