أكد مسؤول الشرطة السياحية في طرطوس، لطفي الشب، في حديث لمنصة “سوريا 24”، مجموعة من الإجراءات بالتعاون مع مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل لمعالجة ظاهرة التسول.
يأتي ذلك في خطوة تهدف إلى معالجة جذرية لظاهرة التسوّل، التي باتت تثير قلقًا متزايدًا في المحافظة، ما دفع إلى إطلاق حملة ميدانية مشتركة تجمع بين الإجراءات الأمنية والتدخلات الاجتماعية المنظمة.
خطة متكاملة لمعالجة عميقة
وأكد لطفي الشب قائلًا: “تعمل مديرية الشؤون الاجتماعية حاليًا على تنفيذ مجموعة من الإجراءات العملية، من بينها: حصر وتصنيف الحالات وفق فئاتها (أطفال – نساء – كبار سن – ذوو إعاقات – حالات استغلال)”.
وأضاف الشب أن هذه الإجراءات تأتي ضمن خطة متكاملة تسعى إلى الانتقال من معالجة سطحية أو ظاهرية إلى معالجة عميقة، ومبنية على التشخيص الدقيق لأسباب الظاهرة.
وأوضح أن المديرية تعمل على ربط الحالات الأكثر هشاشة ببرامج الدعم المتوفرة لديها، بما يشمل المساعدات المالية الطارئة، والإحالات إلى الجمعيات المختصة بالرعاية الأسرية أو التدريب المهني.
البحث عن أسباب الظاهرة
ومن بين أبرز الخطوات التي تتخذها المديرية، وفق الشب، تنفيذ مقابلات اجتماعية مع الأسر التي يُضبط أفراد منها أثناء ممارسة التسوّل، وذلك للتعرّف على الأسباب الاقتصادية والاجتماعية المؤدية لهذه الممارسة، مثل فقدان المعيل، أو البطالة المزمنة، أو غياب شبكات الأمان الاجتماعي.
وتم في هذا الإطار تحويل عدد من الحالات المؤهلة إلى برامج تمكين مهني متوفرة لدى الجمعيات الشريكة، بهدف دمجها في سوق العمل وتمكينها من تحقيق دخل مستدام.
وفي ما يخص الحالات التي تتضمن استغلالًا للأطفال، وهي من أكثر الجوانب إثارة للقلق، أشار الشب إلى أن المديرية تقوم بالتنسيق الفوري مع وحدة حماية الطفل، وتحويل تلك الحالات إلى الجهات المختصة وفق الأصول القانونية المعمول بها.
ولفت إلى أن هذه الإجراءات تُنفَّذ “بالتوازي مع الضبط الأمني”، مؤكدًا أن النهج الجديد يعتمد على المزج بين الجانب الأمني والاجتماعي، بهدف بناء استجابة متكاملة لا تكتفي بوقف الممارسة فحسب، بل تعمل على استئصال أسبابها الجذرية.
جولات منظمة وفق خريطة واضحة
وفي السياق نفسه، كشف الشب أن المديرية باشرت بإعداد خريطة محدّثة لواقع التسول في محافظة طرطوس، تستند إلى جولات ميدانية منتظمة تغطي مختلف مناطق ونواحي المحافظة.
وتتضمن الخريطة رصدًا دقيقًا لأماكن التركز الجغرافي للظاهرة، وأنواع التسول (فردي – أسري – منظّم)، وأسبابه الرئيسية (اقتصادية، اجتماعية، نفسية)، وطبيعة الفئات المنتشرة (محلية أم وافدة)، فضلًا عن تحديد الأوقات والأيام الأكثر نشاطًا.
وأوضح أن البيانات الميدانية تُبوَّب تدريجيًا، على أن تُشارك لاحقًا مع الجهات المعنية — ومن بينها الوحدات الإدارية والبلديات، ومديريات الأمن، والمنظمات الإنسانية والتنموية الشريكة — لتمكين هذه الجهات من بناء خطط وقائية واستباقية مبنية على معلومات دقيقة وواقعية، لا على التخمين أو الانطباع العام.
التحقق الميداني من الأوضاع المعيشية والاقتصادية
وفي ما يخص الدور الحيوي للوحدات الإدارية والبلديات، أشار الشب إلى أنها تضطلع بمهام أساسية في هذا الملف، من أبرزها:
• متابعة الأسر التي يُضبط أحد أفرادها أثناء ممارسة التسول، والتحقق ميدانيًا من أوضاعها المعيشية والاقتصادية والنفسية.
• إحالة الحالات التي تظهر حاجتها إلى تدخل اجتماعي أو نفسي أو دعم إعالة، إلى مديرية الشؤون الاجتماعية.
• تفعيل لجان الحماية الاجتماعية على مستوى النواحي، وتكليفها بمتابعة الحالات التي تشمل أطفالًا، بما في ذلك إجراء زيارات منزلية عند الضرورة، والتنسيق مع أقسام التوعية والإرشاد الأسري.
• المشاركة في وضع خطط الحد من الظاهرة عبر التعاون مع مديرية الشؤون الاجتماعية، لا سيما من خلال مراقبة ما يُعرف بـ”النقاط الساخنة”، وتقديم التسهيلات اللوجستية اللازمة لإنجاح الجولات الميدانية المشتركة.
وقد شملت الحملة الميدانية المشتركة، التي نُفّذت خلال الأيام الماضية، تفتيش مناطق حيوية في مدينة طرطوس، منها ساحة العاصي، والكورنيش البحري، وأسواق المدينة الرئيسية، حيث تم ضبط عدد من الحالات، وتحويلها فورًا إلى مراكز الإحالة التابعة للمديرية، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات المناسبة حسب كل حالة.
ويُنظر إلى هذه الحملة على أنها محطة انطلاق لخطة عمل موسّعة تمتد على مراحل، وتهدف إلى تعميم هذه الآلية على سائر نواحي المحافظة، وذلك في إطار رؤية وطنية أوسع تسعى إلى تكريس مبدأ “الحماية الاجتماعية” كأحد ركائز الاستقرار المجتمعي، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي لا تزال تواجه شرائح واسعة من السكان.








