البخعة: قرية في القلمون شاهدة على مافعل “حزب الله”

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

بعد عام على تحرير قرية البخعة (الصرخة) في منطقة القلمون الغربي، لا تزال البلدة تواجه آثار دمار شبه كامل خلّفته سنوات من الهجوم والاقتحام من قبل ميليشيات موالية لإيران.
وعلى الرغم من عودة جزء من الأهالي، فإن مظاهر الاستقرار لا تزال بعيدة المنال، في ظل غياب شبه كامل للخدمات الأساسية وانهيار في البنية التحتية.

عمليات اقتحام عنيفة وتدمير واسع
يستعرض خالد حامد أبو أكرم، أحد سكان البخعة، بداية الهجوم على القرية، مشيرًا إلى أنّ الميليشيات دخلت من عدة محاور في وقت واحد، ويقول: “بدأ الاقتحام بميليشيات الفاطميون، تلتها مجموعة أبو الفضل العباس، ثم حزب الله”، مشيرًا إلى أنّ محاولات الاقتحام الميليشياوية استمرت لنحو شهر، وأنّ المجموعات المدافعة عن القرية خاضت مواجهات عنيفة، وأوقعت خسائر في صفوف المهاجمين، إلا أنّ نفاد الذخيرة أجبر القوات المدافعة على الانسحاب في نهاية المطاف.

ويضيف أنّ أسلوب التدمير كان ممنهجًا، موضحًا: “كانوا يفجرون الأبنية بالكامل.. خمسة طوابق تنهار بضغطة واحدة.. القرية سقطت بالكامل، والدمار لا يزال ظاهرًا في كل الجهات”.
ويؤكد أنّ عمليات التفجير كانت بقيادة ميليشيات أجنبية، وأنّ حجم الدمار يعكس سعيًا واضحًا لمحو معالم القرية.

دوافع الهجوم… أبعد من المزاعم العسكرية
من جهته، يؤكد أبو أكرم أنّ دوافع الهجوم لم تكن مرتبطة بدعم النظام، كما رُوّج آنذاك، بل تتعلق بالسيطرة على طرق تهريب الكبتاغون والسلسلة الجبلية المحاذية للبنان.
ويوضح أنّ: “الهدف كان السيطرة على السلسلة الغربية للوصول إلى معامل الكبتاغون في بلدة طفيل، وفتح طريق تهريب مباشر إلى لبنان”.
كما يشير إلى أنّ قيادة العمليات كانت تحت إمرة شخص يُعرف باسم الحاج مهدي أو أبو مهدي.

توتر بين الميليشيات والنظام خلال العمليات
يشير أبو أكرم إلى أنّ العلاقة بين القوات المهاجمة لم تكن على وفاق، موضحًا: “كنا نسمع تبادل الاتهامات بالخيانة، فحزب الله كان يتهم الضباط التابعين للنظام بالخيانة، وكان من الواضح أن الحزب هو الجهة المسيطرة فعليًا، فيما كانت بقية القوات تعمل تحت إشرافه”.

حصار وطوق عسكري ومنع للدفن
يؤكد أبو أكرم أنّ القرية حُوّلت إلى منطقة عسكرية مغلقة حتى عام 2019، ويقول: “مُنع دفن أي شخص داخل القرية، ما أجبر الأهالي على دفن موتاهم في منطقة المجار، التي تبعد نحو أربعة كيلومترات، بما في ذلك النساء الكبيرات في السن”.

أهمية القرية
وتعود أهمية هذه القرية إلى موقعها في منتصف منطقة القلمون، بين القلمون الأوسط في يبرود والقلمون الأعلى في رنكوس، وتعد همزة الوصل بينهما وبين منطقة معلولا الأثرية.

عودة جزئية للسكان رغم قساوة الظروف
يشير أبو أكرم إلى أنّ عددًا من الأهالي عادوا إلى القرية بعد التحرير رغم الدمار الكبير، موضحًا أنّ “الناس عادت رغم كل شيء.. بعضهم ما زال يسكن في خيام، وآخرون يضعون شادرًا فوق ما تبقى من منازلهم، أو يرممون ما يستطيعون بجهود فردية”.
ويؤكد أنّ أكثر من 90% من أبناء القرية كانوا من الثوار، وأن عدد العائلات المتبقية في القرية آنذاك لم يتجاوز 40 عائلة.

أضرار جسيمة وغياب شبه تام للخدمات
من جانبه، يقدم نصوح حمود، رئيس بلدية الصرخة (البخعة)، تقييمًا تفصيليًا لواقع القرية بعد عام من التحرير، ويقول: “كان عدد سكان البخعة قبل الأحداث نحو سبعة آلاف نسمة، أما اليوم فيبلغ حوالي عشرة آلاف، إلا أنّ من يقيم فعليًا داخل القرية لا يتجاوز ألف شخص، بسبب حجم الدمار”.

البنية التحتية منهارة بالكامل
يشير حمود إلى أنّ القرية تعاني من انهيار في مختلف مقومات الحياة، موضحًا أنّ “شبكة الكهرباء مدمرة بالكامل، والمياه والصرف الصحي بحاجة إلى إعادة تأهيل شاملة”، وأنه لا يوجد أي مرفق صالح للاستخدام.
يؤكد حمود أنّ البلدية رمّمت المدرسة الوحيدة في القرية، لتخدم أبناءها رغم الظروف، موضحًا أنّ “الطلاب يسكنون في قرية المجار على بُعد خمسة كيلومترات، وقد تم توفير وسيلة نقل يومية لضمان استمرار العملية التعليمية”.

نسبة دمار تصل إلى 99%
يوضح رئيس البلدية أنّ نسبة الدمار في البخعة وصلت إلى 99%، ويقول: “عند دخولنا بعد التحرير لم يكن هناك بيت واحد صالح للسكن”، وأنّ الأهالي بدأوا بأعمال ترميم بسيطة وفق إمكانياتهم، لكن إعادة الإعمار تتطلب دعمًا كبيرًا من الجهات المعنية.

غياب المنظمات الإنسانية… وكاميرات بلا دعم
يشير حمود إلى أنّ زيارات المنظمات لم تثمر عن أي دعم حقيقي، موضحًا: “زارتنا منظمات، لكن حضورها اقتصر على التصوير وجمع الشهادات، دون تقديم أي مساعدة ملموسة على الأرض”.

رغم قسوة الدمار، تمكّن أهالي البخعة من العودة تدريجيًا إلى قريتهم، وإعادة الحد الأدنى من الحياة إليها بجهود فردية.
ومع استمرار غياب الدعم الحقيقي، تبقى القرية شاهدة على كارثة إنسانية تحتاج إلى استجابة جدية ترتقي إلى حجم الضرر، وتوفر لسكانها مقومات الحياة.

 

 

مقالات ذات صلة