في مشهد يعبّر عن عودة الحياة إلى الشوارع السورية بعد عام على سقوط نظام الأسد، انطلق مسير “تحرير سوريا” من إدلب مرورًا بحماة وحمص وصولًا إلى حلب، على أن يتابع طريقه إلى دمشق في الثامن من الشهر الجاري، في رحلة تحولت إلى احتفال وطني واسع تتداخل فيه أصوات الدراجات مع الهتافات والأعلام وابتسامات الناس الذين خرجوا إلى الطرقات ليستعيدوا معنى الفرح.
كانت نجات كاتبي من حلب واحدة من الشماركين في المسيرة، إذ أصيبت في الطريق بين إدلب وحلب لكنها تلقت الإسعافات اللازمة وأصرّت على متابعة الرحلة، وقال لموقع سوريا 24: إنّ “مشاركتها هي طريقتها للتعبير عن الفرح وأن الإصابة لن توقفها وأنها ستصل إلى دمشق مهما حدث”.
وإلى جانبها شارك اللاعب اللبناني عبد العزيز المانع، لاعب منتخب لبنان الذي تحدّث بقلبه الحَلَبي الذي ورثه عن والدته، مؤكدًا لموقع سوريا 24 أن وقع هذه المناسبة في قلبه كبير وأن الفعالية كانت جميلة وأنه سيواصل المسير نحو دمشق لأنه يشعر بأنه جزء من هذا الفرح الجماعي.
أما صالح أمام، لاعب منتخب سوريا للدراجات، فكان يتحدث لموقع سوريا 24 بانفعال واضح عن أن المسير بالنسبة له ليس مجرد فعالية رياضية، بل هو التعبير الأجمل عن فرحة التحرير وسقوط النظام، وأن الشعور الذي يعيشه عارم ولا يُنسى.
ومن طرطوس جاءت مايان أسيوزين، مدربة اللغة الإنكليزية، وهي تبدي سعادتها الكبيرة بالمشاركة، وتقول لموقع سوريا 24 إن الحماس في كل مكان، مشيرة إلى فرح الناس بهذه المشاركة بهذه المناسبة، وأضافت بابتسامة واسعة أنها جاءت إلى حلب منذ سنوات وأن “الشعب الحلبي بيجنّن فعلاً”، مؤكدة أنها ستكمل الطريق نحو دمشق.
وفي قلب هذا المشهد الوطني، وقف ينال جودت، عضو مجلس إدارة الجمعية الشركسية في حلب، ليؤكد أن وجودهم في المسير يحمل رسالة واضحة بأن سوريا، بمختلف مكوناتها، يد واحدة، مرحّبًا بالحضور بقوله الشركسي “ فَشْفو خوَاْشا”، ليؤكد أن الوحدة الوطنية ليست شعارًا بل حضورًا فعليًا في الميدان.
من جانبه، تحدث جهاد حلاق، رئيس لجنة الحكام في الاتحاد السوري للدراجات، وأحد المنظمين عن جمال المشهد أمام قلعة حلب، وعن الاستقبال الكبير الذي لقيه المشاركون، مشيرًا بفخر إلى أن معظم المحافظات شاركت في المسير، وأن سوريا متميزة برياضة الدراجات الهوائية عربيًا، معتبرًا خلال حديثه لموقع سوريا 24 أن هذا الحدث يعكس صورة بلد يستعيد نشاطه الرياضي والشعبي معًا.
أما أم عمر، وهي من سكان حلب، فقد جاءت مع أهلها لاستقبال المشاركين في دوار الموت، وكانت كلماتها أشبه بملخص لروح المدينة، إذ قالت لموقع سوريا 24 إن الأجواء جميلة وإن الناس أخيرًا يشعرون بالحياة بعد سنوات من الخوف والصمت، وإن الأطفال فرحين والأهالي كذلك، وإن منظر المظليين كان رائعًا وخطف الأنفاس، مؤكدة أن حلب اليوم تشعر بأنها ولدت من جديد.
وبين الدراجات والأعلام والوجوه المتحمسة التي ملأت الطريق، تتكوّن صورة واحدة واضحة: سوريا تمضي نحو دمشق بروح جديدة، روح فرح ووحدة وانتصار.
المسير ليس مجرد رحلة رياضية، بل خطوة جماعية نحو المستقبل، وخيط من الأمل يربط إدلب بحلب، وحلب بدمشق، والناس بعضها ببعض بعد سنوات من الانقسام والجراح. إنه طريق طويل، لكنه هذه المرة طريق مليء بالضحكات، بالتصميم، وبالقلوب التي عادت تخفق من جديد من أجل أن يستعيد الوطن عافيته.








