تدمر بعد عام على التحرير: عودة الأهالي تقابلها تحديات خدمية وصحية

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

بعد عام على التحرير وسقوط النظام السابق، تبدو الصورة العامة في مدينة تدمر بريف حمص الشرقي موزعة بين مكاسب اجتماعية وتنموية محدودة، يقابلها تدهور كبير في الخدمات الأساسية والبنى التحتية، وفق ما يؤكده ناشطون من أبناء المدينة.

عودة الأهالي مظهر إيجابي

ويقول الناشط المدني عبدالرحمن الشليل، في حديث لمنصة سوريا 24، إن أبرز ما يمكن تسجيله على الجانب الإيجابي هو عودة عدد كبير من الأهالي واستقرارهم التدريجي داخل المدينة، الأمر الذي أعاد جزءًا من الحياة الاجتماعية والاقتصادية إلى مسارها الطبيعي.

ويضيف أن المدينة شهدت خلال العام الأخير بعض المبادرات المحلية التي ساهمت في تحسين أجواء التعافي، إلى جانب قدوم مجموعات سياحية يومية، وإن كانت أقل بكثير مما كانت عليه قبل عام 2011.

ويرى الشليل أن عزم الدولة على تنفيذ مشروع المصفاة النفطية في محيط تدمر يمثل واحدًا من المؤشرات الإيجابية البارزة، موضحًا أن أهمية المشروع تكمن في قدرته على تحريك سوق العمل المحلي، إذا أُعطي سكان المدينة أولوية في التوظيف والمشاركة في أعمال الإنشاء، ما يساهم في تشجيع بقية المهجّرين على العودة، خصوصًا أن غالبية الأهالي ينتمون إلى الفئات ذات الدخل المحدود.

ويشير الشليل إلى أن المجموعات السياحية التي تزور المدينة تتوجه عادة إلى أبرز المواقع التاريخية مثل: قوس النصر، الطريق المستقيم، المسرح، معبد بل، معبد بعلشمين، قلعة تدمر، المدافن الأثرية، سور المدينة، ونبع أفقا، إلا أن الأعداد لا تزال متواضعة مقارنة بما قبل 2011.

تدهور حاد في الخدمات الأساسية

في المقابل، يعاني الجانب الخدمي، بحسب الشليل، من تجاهل واضح وتهميش كبير، يظهر خصوصًا في أزمة الصرف الصحي، إذ تطفو المياه الملوثة في عدد من الأحياء، بينما لا يصل سوى جزء بسيط من الصرف إلى الحوض المخصص للتجميع والمعروف باسم “كحلول”، ما يثير مخاوف من كارثة بيئية مؤجلة.

وتبرز أيضًا مشكلة النظافة العامة في ظل غياب شبه كامل لعمال النظافة، حيث تتكدس أكوام القمامة في الشوارع، بينما لا يجري جمعها إلا في مواقع محدودة، ما أدى إلى انتشار ذبابة اللشمانيا، وبسبب الروائح الكريهة، يعمد بعض السكان إلى حرق القمامة للتخلص منها.

أزمة مياه وكهرباء متفاقمة

أما على صعيد المياه، فيجري تغذية المدينة بنسبة 60% فقط، بينما يعتمد جزء كبير من الأهالي على الآبار العشوائية التي حفرت بكثرة في معظم الشوارع.

وتعاني شبكة الكهرباء من انهيار شبه كامل، إذ لم يبقَ من أصل نحو 80 محولة كهربائية سوى 10 محولات فقط داخل المدينة.

ويقول الشليل إن الأهالي فوجئوا بعد عودتهم بأن شبكة الكهرباء غير موجودة عمليًا، باستثناء بعض الكابلات الممتدة على طول الشوارع، والتي ازدادت عليها الأحمال مع تزايد عدد السكان، ما يؤدي إلى انهيارها يوميًا وتعطل المحولات المتبقية.

مشفى بلا أطباء وتعطل مشاريع الترميم

ويعد الواقع الصحي أحد أكثر جوانب المعاناة وضوحًا، إذ لا يوجد في المشفى الوحيد الذي يخدم كامل منطقة البادية سوى طبيب مختص واحد، بينما يشغل مدير المشفى منصب معالج فيزيائي، ويساعده عدد قليل من الممرضين، بعضهم دون خبرة كافية.

ولا تتوفر في المشفى كوادر قادرة على تشغيل الأجهزة الطبية الموجودة، بما فيها أجهزة غسل الكلى والتصوير الطبقي.

ويشير الشليل إلى أن المشفى تعرض للقصف والسرقة في فترة النظام السابق، ورغم أن أهالي المدينة بدأوا حملة لترميمه، إلا أن الأعمال توقفت بعد إعلان رجل الأعمال موفق قدّاح عن تبرعه بمبلغ مليون دولار لصيانة المشفى، ليُنسَب ما أُنجز لاحقًا إليه، دون أن يُستكمل المشروع أو يفي بتعهده.

ويضيف أن نقص الأدوات الأساسية في غرف الإسعاف يدفع الأهالي إلى التوجه إلى مدينة حمص حتى في الحالات الطبية الطارئة، بينما يعتذر المشفى أحيانًا عن قبول بعض الحالات بحجة غياب السائقين أو نقص المحروقات.

وبحسب الشليل، فإن ما تحقق بعد عام على التحرير يمثل خطوة أولية نحو إعادة إحياء المدينة، إلا أن الواقع الخدمي والصحي المتدهور يعيق أي تقدم حقيقي، ويهدد قدرة السكان على الاستمرار، ما يجعل “تدمر بحاجة إلى تدخل جاد وإجراءات عاجلة تعيد لها مقومات الحياة التي فقدت خلال سنوات طويلة”.

مقالات ذات صلة