أظهرت الهطولات المطرية الأخيرة في دمشق واقعاً مأزوماً داخل سوق الهال في الزبلطاني، حيث غرقت الشوارع بالطين والمياه الراكدة وسط غياب كامل للأرصفة وازدحام النفايات التي جرفتها السيول من مختلف الجهات، ما حوّل المنطقة إلى بيئة صعبة للحركة والعمل في واحد من أهم الأسواق الحيوية في العاصمة. وعلى الرغم من أن يوم الخميس هو العطلة الأسبوعية للسوق، فإن المشهد الذي ظهر بعد ساعات من المطر عكس مستوى الإهمال الذي يواجهه الأهالي والتجار منذ سنوات.
وتُبيّن الصور المشاهد الأشد إزعاجاً للسكان، حيث تختلط مياه الأمطار بالنفايات المرمية عشوائياً، فتتجمع في الحفر المنتشرة على طول الطريق غير المعبّد. ولا وجود لأي رصيف أو مساحة آمنة للمشي، ما يضطر الأهالي إلى السير فوق الطين مباشرة، فيما تصبح حركة المركبات الصغيرة داخل السوق أكثر خطورة، وتزداد معها معاناة العاملين الذين يعتمدون على هذه السوق يومياً.
وقال أبو محمد لـ”سوريا 24″ إن غياب الأرصفة يضاعف الأزمة، حيث لا يجد المارون مكاناً يحميهم من الوحل، مضيفاً أن الشوارع “تتحول إلى فوضى مطلقة” بمجرد هطول المطر. وتصف أم علاء لـ”سوريا 24″ الوضع بأنه “انحدار مستمر”، مشيرة إلى أن المتسوقين يواجهون صعوبة في اجتياز الطريق بسبب الطين والنفايات التي تطفو فوق المياه. ويعتبر الأهالي أن تراكم القمامة صار جزءاً من المشكلة، إذ تُرمى بشكل عشوائي وتزداد انتشاراً مع تدفق المياه، فتُساهم في انسداد منافذ التصريف وتحوّل الشوارع إلى خنادق طينية يصعب تجاوزها.
كما تحدث أحد العاملين في السوق لـ”سوريا 24” عن أثر هذه الفوضى على الحركة التجارية، مشيراً إلى أن غياب التنظيم يرخي بثقله على النشاط الاقتصادي بأكمله، وأن الشوارع تتحول إلى “عائق يومي” يعطّل حركة البيع والتحميل. ويرى آخرون أن المشكلة باتت متكررة بشكل يثير الإحباط، إذ لا تظهر أي خطوات فعلية لإعادة تأهيل الشوارع أو إنشاء بنية صرف صحي حقيقية تمنع تكرار المشهد مع كل موجة مطر.
ويؤكد سكان المنطقة أن الرمي العشوائي للنفايات، إلى جانب غياب الصيانة، جعلا من السوق واحداً من أكثر النقاط المتضررة في المدينة خلال فصل الشتاء. فالمياه لا تجد منفذاً لتصريفها، والوحل يتكدس يوماً بعد يوم، بينما الشوارع غير المستوية تخلق بركاً واسعة لا يمكن تجاوزها إلا بشق الأنفس. ومع كل موسم مطري تتكرر الشكاوى ذاتها دون حلول ملموسة، الأمر الذي يدفع الأهالي للتساؤل عن سبب غياب المعالجة الجذرية رغم أهمية السوق الاقتصادية.
واعتبر أبو محمد، أحد سكان المنطقة، في حديثه لـ”سوريا 24″ أن المشهد “لم يعد مقبولاً بأي شكل”، موضحاً أن الفوضى الناتجة عن غياب الأرصفة والنظافة والصرف الصحي تُفقد السوق دوره الطبيعي، وأن تأهيله بات ضرورة ملحّة لا تحتمل التأجيل. ويشير آخرون إلى أن الوضع الصحي يزداد سوءاً مع اختلاط مياه المطر بالنفايات، ما يجعل المنطقة عرضة للروائح والمخاطر البيئية ويمسّ حياة الناس اليومية.
ومع توقع استمرار الهطولات خلال الفترة القادمة، يتخوف الأهالي من تفاقم المشكلة، معتبرين أن ما حدث خلال الساعات الماضية ليس إلا إنذاراً جديداً لما يمكن أن تشهده المنطقة في الأيام المقبلة. ويرى السكان أن الحل يبدأ بإعادة تأهيل الطرقات بشكل كامل، ووضع نظام واضح لجمع النفايات، وتوفير أرصفة تحمي المشاة من الفوضى الطينية التي تتكرر كل شتاء.
ويختتم أحد الأهالي حديثه لـ”سوريا 24” قائلاً إن الناس “سئموا الانتظار”، وإن أي إصلاح بات ضرورة ملحّة قبل أن تصبح شوارع السوق غير قابلة للاستخدام بشكل كامل مع تواصل الأمطار.









