“القرد سعيد”.. ورمزيته في الذاكرة الحلبية

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

لم يعد القرد سعيد مجرّد حيوان يعيش في قفص داخل حديقة السبيل في حلب، بل تحوّل على مدى العقود الماضية إلى شخصية محبّبة وراسخة في وجدان الحلبيين، حتى باتوا—على سبيل التندر—يصفون الشخص شديد الحركة بقولهم: “يشبه القرد سعيد”. ومع الزمن، أصبح القرد العجوز عنصرًا من الهوية الشعبية للمدينة وطقسًا ثابتًا من طقوس زيارة الحديقة.

سعيد والحرب
وعلى غرار سكان حلب، لم ينجُ سعيد من آثار الحرب السورية. فحديقة السبيل، التي كانت بالقرب من خطوط التماس، شهدت أصوات القذائف والاشتباكات لأعوام طويلة.
وكان سعيد، وهو في الثانية والعشرين من عمره حينها، يعبّر عن خوفه كلما دوّت القذائف، فيقفز مذعورًا داخل قفصه ويحاول الاحتماء بأعلى نقطة فيه. وهكذا عاش القرد سنوات الحرب كتجربة يومية من الترقّب والقلق، تمامًا كما عاشها أهل المدينة.

رعاية لا تنقطع
يروي عبد الله الجغل، الموظف المتقاعد منذ عام 2016، والذي يشرف على رعاية سعيد منذ عقود: “ما زلت أعتني بأقفاص الحيوانات… وبسعيد بشكل خاص، البالغ من العمر 36 عاماً”، مشيراً إلى الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها وسط الأطفال وأهالي مدينة حلب، وأن الناس يقصدونه من مختلف المناطق السورية.
ويستذكر عبد الله محطات مؤلمة في حياة سعيد، بالقول: “قبل ست سنوات مرض ودخل في غيبوبة لمدة ثلاثة أيام”، وأنّ زوجته أصيبت بالعمى ثم توفيت قبل سنوات، مشيراً إلى أنّ “سعيد” احتضن زوجته لساعات عند وفاتها حزنًا عليها.

تفاصيل حياة يومية يعيد من خلالها الجغل بناء عالم سعيد
وصل سعيد إلى حلب قبل نحو 35 عامًا، وينتمي إلى فصيلة الرباح الأفريقية. ويحرص الجغل على توفير نظام غذائي خاص له:
“نطعمه الكاتو والزهورات ليحافظ على صحته، وكذلك الحمص والفول.”
ومع حلول الشتاء، تتضاعف مسؤوليته، يقول الجغل: “جهّزت له مكانًا دافئًا منذ شهرين لأن جسمه لا يحتمل البرد”، مشيرًا إلى مجيئه يوميًا من حريتان إلى حلب للعناية به، مؤكّدًا أن هذا واجبه، وأنه ينظر إلى سعيد على أنه “روح” وليس مجرد حيوان.

قصة “سعيد” تتجاوز حدود القفص
اليوم، ومع سقوط النظام البائد وعودة الحياة إلى طبيعتها، يستعيد “سعيد” مكانته في الحديقة، كرمز بسيط لكنه عميق لمدينة قاومت، ونجت، واحتفظت بقدرتها على المحبة وسط كل ما مرّت به.
فهو ليس مجرد قرد عجوز يعيش في قفص… بل ذاكرة حيّة لحلب، وجزء من قصة أهاليها الذين يعرفونه منذ الطفولة ويعودون إلى زيارته كلما سنحت لهم الفرصة.-

 

مقالات ذات صلة