في محاولة لاستعادة ما تبقى من الغطاء النباتي المنهك في ريف دمشق، أُطلقت حملة واسعة للتشجير تحت اسم “ريفنا أخضر” ، في خطوة تهدف إلى مواجهة آثار سنوات طويلة من الجفاف والتصحر، وما خلّفته الحرب وسياسات النظام من دمار ممنهج طال الغوطة الشرقية ومحيطها الريفي.
ستنطلق الحملة رسمياً ظهر يوم 15 كانون الأول/ديسمبر 2025، عند مدخل دمشق الشمالي في مدينة حرستا بالغوطة الشرقية، بإشراف محافظة ريف دمشق وبالتعاون مع وزارة الزراعة، على أن تمتد فعالياتها على مدى 45 يوماً متواصلة، لتشمل مختلف مناطق وبلدات الريف الدمشقي.
مدير الحملة عبد الرحمن غبيس أوضح في حديث لـ سوريا 24 أن الحملة تستهدف زراعة نحو مليون غرسة حراجية ومثمرة، في وقت لا يتوفر فيه حالياً سوى 500 ألف غرسة جاهزة للزراعة، ما يعكس حجم الفجوة الكبيرة بين الحاجة الفعلية والإمكانات المتاحة. وأضاف أن ريف دمشق يحتاج سنوياً إلى ما لا يقل عن مليوني غرسة للحفاظ على توازنه البيئي، في ظل عجز يُقدّر بنحو مليون ونصف غرسة.
وبحسب غبيس، تشمل خطة التشجير جميع مناطق ريف دمشق، مع التركيز على مداخل المدن والبلدات والقرى، إضافة إلى توزيع أشجار مثمرة على الأهالي والفلاحين، في محاولة لدعم سبل العيش الزراعية، إلى جانب البعد البيئي للحملة. وتشمل أنواع الأشجار المستخدمة أصنافاً حراجية مثل السرو والصنوبر والنخيل، إلى جانب أشجار مثمرة كالمشمش واللوزيات والتفاح والرمان.
وتأتي هذه الحملة في ظل واقع بيئي متدهور يعيشه الريف الدمشقي، الذي كان يُعرف تاريخياً بخصوبته وبساتينه الممتدة، قبل أن يتحول خلال سنوات الحرب إلى واحدة من أكثر المناطق تضرراً. فقد أسهم القصف المكثف، وتجريف الأراضي، وتقطيع الأشجار لاستخدامها وقوداً، إضافة إلى الإهمال المتعمد، في تراجع حاد للمساحات الخضراء، وتصحر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.
وتشير تقديرات محلية إلى أن نحو 3.2 ملايين شجرة دُمّرت خلال سنوات الحرب بفعل العمليات العسكرية والممارسات التي انتهجها النظام، ولا سيما في الغوطة الشرقية التي تعرضت لواحدة من أعنف حملات التدمير البيئي والعمراني، ما أدى إلى اختلال عميق في التوازن البيئي وارتفاع معدلات الجفاف.
ويرى القائمون على الحملة أن “ريفنا أخضر” لا تقتصر على زراعة الأشجار فحسب، بل تمثل خطوة رمزية وعملية في آن واحد، لإعادة الاعتبار للبيئة الريفية، ومكافحة التصحر، وتحسين المناخ المحلي، واستعادة جزء من الغطاء النباتي الذي شكّل لعقود طويلة هوية ريف دمشق وسلة غذائه الأساسية.
ويأمل منظمو الحملة أن تسهم هذه المبادرة في رفع الوعي البيئي، وتحفيز مزيد من الدعم الرسمي والمجتمعي، في ظل تحديات مناخية متزايدة، وواقع بيئي هش يحتاج إلى تدخلات مستدامة تتجاوز الحملات الموسمية نحو سياسات حماية حقيقية للأرض والإنسان.








