بنايات الحوض بالرقة… مأوى للنازحين وخطر يهدد حياتهم

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

تُعدّ المساكن الحكومية المعروفة بـ «بنايات الحوض» في حي الادخار غرب مدينة الرقة من أبرز المناطق التي ما تزال تعكس حجم الدمار الذي خلّفته المعارك ضد تنظيم داعش. هذه المجمعات السكنية، التي كانت مخصّصة سابقًا لموظفي الدولة، تحوّلت اليوم إلى مأوى اضطراري لعشرات العائلات النازحة من إدلب ومناطق سورية أخرى، بعد أن حالت الأضرار الجسيمة التي لحقت بمنازلهم دون عودتهم إليها.

ورغم أن هذه البنايات وفّرت سقفًا يؤوي النازحين، إلا أنها باتت تشكّل خطرًا حقيقيًا على قاطنيها، نتيجة الكتل الإسمنتية المتدلية والتشققات العميقة التي خلّفها القصف الجوي خلال معارك تحرير الرقة. هذا الواقع يفرض عبئًا نفسيًا يوميًا على السكان، لا سيما الأطفال وكبار السن، الذين يعيشون في خوف دائم من احتمال انهيار أجزاء من المباني في أي لحظة.

وقال جمال المصطفى، أحد سكان بنايات الحوض، لـ “سوريا 24”: «نعيش في هذه البنايات لعدم وجود أي بديل آخر، فمنازلنا في ريف إدلب دُمّرت بالكامل ولا إمكانية للعودة إليها. الخوف يرافقنا يوميًا بسبب التشققات والكتل الإسمنتية المتدلية من الأسقف والجدران، ونشعر في كل لحظة أن جزءًا من البناء قد ينهار فوق رؤوسنا، ما يفقدنا الإحساس بالأمان حتى داخل منازلنا».

من جهتها، أشارت سعاد المؤيد، وهي نازحة وأم لثلاثة أطفال، إلى المخاطر التي تهدد حياة الأطفال، قائلة في حديثها لـ “سوريا 24”: «الأطفال لا يدركون حجم الخطر الذي يحيط بهم، ويلعبون في الشوارع وعلى الأسطح المهددة بالانهيار في أي وقت. نعيش في حالة قلق وترقّب دائمين، نحاول إصلاح ما يمكن بأدوات بسيطة، لكن حجم الدمار كبير، ونشعر وكأننا نعيش فوق قنبلة موقوتة».

بدوره، عبّر محمد، وهو شاب يعمل في أحد المشاريع الصغيرة داخل الحي، عن استيائه من غياب الاستجابة الرسمية، موضحًا في تصريح لـ “سوريا 24”: «الدمار في بنايات الحوض ليس جديدًا، وقد رفعنا شكاوى عديدة للجهات المعنية، لكن دون أي استجابة حقيقية. لم يُقدَّم أي دعم لإزالة مخلفات القصف أو صيانة المباني، رغم أن النازحين بحاجة ماسة إلى سكن آمن. ما نطالب به هو تحرّك فوري وجاد قبل وقوع كارثة إنسانية».

وتتفاقم معاناة سكان بنايات الحوض مع نقص الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه، إلى جانب غياب الصيانة الدورية، ما يزيد من تصدّع الأبنية وتدهور وضعها الإنشائي. كما يرزح معظم الأهالي تحت وطأة ظروف اقتصادية صعبة، في ظل اعتمادهم على مساعدات إنسانية محدودة أو أعمال يومية غير مستقرة.

وتقع بنايات الحوض ضمن أحد الأحياء الأكثر تضررًا في مدينة الرقة، حيث ما تزال جهود الترميم وإعادة الإعمار بطيئة وغير كافية لتلبية احتياجات السكان المتزايدة، في وقت تتزايد فيه المخاطر مع مرور الوقت وتدهور حالة المباني.

ورغم قسوة الواقع، لا يزال قاطنو هذه البنايات يتمسكون بالأمل، سواء بالعودة إلى منازلهم الأصلية يومًا ما، أو بتحسين ظروف سكنهم الحالية، بانتظار تدخل جاد من الجهات المعنية يوفّر لهم الحد الأدنى من الأمان والاستقرار.

وتبقى بنايات الحوض صورة صارخة لآثار الحرب في الرقة، تختزن بين جدرانها قصص معاناة وخوف، إلى جانب حكايات صمود لعائلات تبحث عن حياة آمنة وكرامة إنسانية في ظل ظروف استثنائية.

مقالات ذات صلة