تعاني قرى ريف دير الزور الغربية والشرقية من انقطاع المياه وصعوبات في تأمينها، في مشهد يعكس أزمة أوسع تطال معظم تلك القرى وأجزاء كبيرة من أرياف محافظة دير الزور.
ويؤكد الأهالي أن شح المياه بات واقعًا يوميًا يفرض عليهم البحث عن بدائل مكلفة وغير آمنة لتأمين احتياجاتهم الأساسية.
محطات مدمرة وغياب للخدمات الأساسية
ويشرح محمد عبد المجيد، أحد سكان المنطقة، في حديث لمنصة سوريا 24، أن قرية السكرية (على سبيل المثال) تبعد نحو 120 كيلومترًا عن مدينة دير الزور، وتُعرف محليًا بأنها تقع “بعد صالحية البوكمال”، ويعاني بعض سكانها من صعوبة الحصول على المياه.
ويؤكد أن جميع محطات المياه في أرياف دير الزور مدمرة، ولا تتوافر الكهرباء أو الوقود اللازم لتشغيل ما تبقى منها، مما اضطر السكان إلى الاعتماد على مياه نهر الفرات لأغراض الاستخدام اليومي.
ويضيف أن هذه الظروف خلفت معاناة كبيرة لدى سكان الريف، في ظل غياب حلول جذرية واستمرار الأعطال الفنية والبنيوية في شبكات المياه.
دور المنظمات: جهود محدودة أمام احتياجات كبيرة
وبحسب عبد المجيد، تعمل بعض المنظمات الإنسانية على صيانة محطات الضخ وتحلية المياه، إلا أن حجم الاحتياجات يفوق الإمكانات المتاحة، ولا سيما في ظل المشكلة الأساسية المرتبطة بتأمين الوقود والكهرباء.
ويشير إلى أن الحكومة السورية الجديدة تفتقر إلى الموارد الكافية، وتعتمد بشكل أساسي على تمويل منظمات دولية، من بينها منظمات إيطالية وألمانية ومنظمة اليونيسف.
غير أن هذه المنظمات نفسها تعاني من نقص في التمويل، ما ينعكس سلبًا على تنفيذ المشاريع الخدمية في دير الزور وريفها، وخاصة مشاريع السقاية والري الضرورية لدعم القطاع الزراعي وزراعة محاصيل استراتيجية كالحنطة والقمح والشعير.
شح المياه في مدينة البوكمال وأريافها
من جهته، يؤكد محمد فهد، من سكان ريف دير الزور، في حديث لمنصة سوريا 24، أن مدينة البوكمال وأريافها تشهد شحًا واضحًا في المياه، حيث يعيش نحو نصف السكان من دون مصدر منتظم للمياه، ما يضطرهم إلى شراء المياه لتلبية احتياجاتهم اليومية.
ويعزو فهد هذا النقص إلى أسباب عدة، أبرزها قدم محطات المياه وعدم صلاحيتها الفنية، إذ تحتاج إلى إعادة تأهيل شاملة واستبدال معظم محركات الضخ.
ويشير إلى أن محطات التحلية في منطقة السكرية وفي مدينة البوكمال تُعد من أقدم المحطات في المنطقة، إذ مضى على إنشائها نحو 45 عامًا، ما جعلها متهالكة وغير قادرة على تلبية الطلب المتزايد، الأمر الذي يستدعي إما إعادة تأهيلها بشكل كامل أو إنشاء محطات تحلية جديدة.
أعباء إضافية على المواطنين
وانعكست هذه الأوضاع بشكل مباشر على حياة السكان، إذ تحولت المياه الصالحة للشرب إلى هاجس يومي ومعاناة مستمرة، في ظل ارتفاع كلفة شرائها مقارنة بمداخيل الأهالي المحدودة.
ويؤكد فهد أن دخل الفرد لا يسمح بتأمين المياه بشكل دائم، ما يزيد من الأعباء المعيشية على الأسر، خاصة في المناطق الريفية.
محاولات صيانة وحاجة إلى حلول شاملة
ورغم تراكم المشكلات، يشير فهد إلى وجود محاولات من بعض المنظمات، وبالتعاون مع المجالس البلدية، لصيانة محطات المياه وتأمين الحد الأدنى من الخدمة، إلا أن هذه الجهود تبقى غير كافية ما لم تتضافر جهود الدولة والمنظمات الدولية لإعادة تأهيل المحطات القائمة أو إنشاء محطات جديدة ذات كفاءة وقدرة استيعابية عالية تضمن استدامة التزويد بالمياه لمدينة البوكمال وريفها.
تأهيل حديث وواقع لم يتغير
ويُذكر أنه في نهاية شهر تشرين الثاني الماضي، جرى إعادة تأهيل محطة مياه السكرية بدعم من منظمة اليونيسف. غير أن سكان القرية يؤكدون أن أكثر من نصف القرية لا يزال محرومًا من وصول المياه، ما يعكس فجوة واضحة بين أعمال التأهيل المنفذة والاحتياجات الفعلية على الأرض، ويعيد طرح ملف المياه في ريف البوكمال كأولوية خدمية ملحة تتطلب حلولًا مستدامة وعاجلة.








