سجّلت مدارس مدينة الرقة خلال الفترة الأخيرة انتشاراً ملحوظاً لفيروس الإنفلونزا بين الأطفال وطلاب المدارس، ما أثار قلق الأهالي والجهات الصحية، ودفع هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من تفشي المرض وحماية صحة الطلبة، كان أبرزها تعليق الدوام المدرسي بشكل مؤقت.
وقالت فاطمة عباس، وهي أم لطفلين يدرسان في مدرسة ابن خلدون بمدينة الرقة، في تصريح لـ سوريا 24، إن الانتشار السريع لحالات الإنفلونزا بين الطلاب أثار مخاوف واسعة لدى الأهالي، مؤكدة أن تعليق الدوام المدرسي يُعد خطوة مهمة لحماية الأطفال وإتاحة الفرصة أمام العائلات لمتابعة أوضاعهم الصحية والاعتناء بهم بالشكل المناسب.
من جهتها، أوضحت وداد الحجي، من مدينة الرقة، في تصريح لـ سوريا 24، أن الالتزام بالإرشادات الصحية التي أوصى بها الأطباء، ولا سيما غسل اليدين بشكل منتظم والحرص على التهوية الجيدة داخل المنازل، يُعد أمراً ضرورياً في هذه المرحلة، معربة عن أملها باستمرار هذه الإجراءات إلى حين تراجع عدد الإصابات.
بدوره، أشار أحمد، وهو طالب في المرحلة الثانوية، في تصريح لـ سوريا 24، إلى أن الإصابة بالإنفلونزا والغياب المتكرر عن المدرسة يؤثران بشكل مباشر على استيعاب الدروس ومتابعة المنهاج، مؤكداً الحاجة إلى اتخاذ مزيد من التدابير التي تضمن عودة آمنة ومستقرة للعملية التعليمية.
وفي السياق ذاته، شدد مصدر مسؤول في لجنة الصحة التابعة لمجلس الرقة المدني، في تصريح لـ سوريا 24، على أهمية الفحص الطبي المبكر، مؤكداً عدم تسجيل أي حالات وفاة في مدينة الرقة حتى تاريخ إعداد التقرير، في حين تم تسجيل حالتي وفاة في مدينة الحسكة، ما استدعى اتخاذ إجراءات وقائية مبكرة. وأوضح أن قرار تعليق الدوام المدرسي لمدة أربعة أيام جاء بهدف الحد من انتشار المرض وتقييم الوضع الصحي ووضع آليات مناسبة للتعامل معه.
من جانبه، أكد طبيب الأطفال سلمان الحمود، في تصريح خاص لـ سوريا 24، أن التشخيص الصحيح يُعد أساساً في التعامل مع حالات الإنفلونزا، موضحاً أن الأعراض قد تتشابه بين نزلات البرد العادية والإنفلونزا، وأحياناً التهابات الجهاز التنفسي الحادة التي تتطلب رعاية طبية خاصة.
وحذر الحمود من مخاطر التشخيص الذاتي أو الاعتماد على نصائح غير طبية، لما قد يترتب على ذلك من إهمال لحالات تحتاج إلى متابعة دقيقة، مشدداً على خطورة الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية، كون معظم هذه الإصابات ذات طبيعة فيروسية ولا تستجيب للعلاج بالمضادات، إضافة إلى ما يسببه الاستخدام الخاطئ من زيادة في مقاومة الجراثيم وإضعاف مناعة الأطفال.
كما نصح الحمود الأهالي بجعل الفحص الطبي أولوية عند ظهور الأعراض، وعدم الضغط على الأطباء لوصف مضادات حيوية غير ضرورية، مؤكداً أن وصف الصادات يجب أن يتم حصراً بعد تقييم طبي دقيق من قبل المختصين. ودعا في الوقت نفسه زملاءه الأطباء إلى تكثيف نشر التوعية الصحية بلغة واضحة ومبسطة، وتقديم خدمات المعاينة المجانية للحالات المحتاجة، والتخفيف من الإجراءات الطبية غير الضرورية، انطلاقاً من الدور الإنساني لمهنة الطب في حماية صحة الأطفال.
وفي ختام التقرير، تتفق مختلف الآراء على أن الحد من انتشار الإنفلونزا بين طلاب المدارس يتطلب تعاوناً مشتركاً بين الأهالي والمؤسسات التعليمية والكوادر الطبية، من خلال الالتزام بالفحص المبكر والإجراءات الوقائية، والاستخدام الرشيد للعلاج، بما يسهم في توفير بيئة صحية آمنة للأطفال وضمان استقرار العملية التعليمية.









