في جلسة موسّعة لمجلس الأمن الدولي خُصصت لمناقشة تطورات الملف السوري، عكست مداخلات الدول الأعضاء توجهاً دولياً متنامياً نحو دعم استقرار سوريا وتعافيها، في أعقاب الزيارة التي أجراها وفد من مجلس الأمن إلى دمشق، والتي وُصفت بالتاريخية.
رئيس مجلس الأمن الدولي والمندوب الدائم لسلوفينيا لدى الأمم المتحدة صامويل زبوغار أكد أن الوفد عقد اجتماعات بناءة مع القيادة السورية والحكومة، إلى جانب لقاءات واسعة مع ممثلي المجتمع المدني والفعاليات المحلية والدينية واللجان الوطنية المعنية بالعدالة الانتقالية والمفقودين والانتخابات. وأوضح أن الوفد لمس خلال الزيارة روح الأمل لدى السوريين وهم يسعون لإعادة بناء بلدهم، معتبراً أن الزيارة تشكل دليلاً واضحاً على تضامن المجتمع الدولي مع الشعب السوري، وعلى وجود رغبة قوية للمضي قدماً نحو الاستقرار والتعافي.
من جانبه، عبّر مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة إبراهيم علبي عن تقدير بلاده العميق لمجلس الأمن على تفاعله الإيجابي مع فكرة الزيارة، مؤكداً أنها تمثل تتويجاً لمسار الانخراط الدولي الداعم لسوريا، وتجسيداً للانفتاح الدبلوماسي الذي تنتهجه في مرحلتها الجديدة. وأشار علبي إلى أن الوفد شاهد آثار الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة السورية والدمار الذي خلفته، ولا سيما في محيط دمشق وحي جوبر، وفي الوقت نفسه لمس إرادة السوريين الصلبة وعزمهم على تجاوز التحديات، إلى جانب التحسن التدريجي في مختلف مجالات الحياة.
وفي السياق ذاته، حذّرت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روز ماري ديكارلو من أن التوغلات الإسرائيلية في سوريا تسهم في زيادة التوترات الأمنية، داعية إسرائيل إلى الامتناع عن انتهاك سيادة سوريا وسلامة أراضيها. كما أشارت إلى تسجيل عودة واسعة للسوريين، حيث عاد أكثر من مليون من الخارج ونحو مليوني نازح داخلي إلى منازلهم الأصلية، مؤكدة أن الشعب السوري يتطلع إلى المستقبل بأمل، وأن الأمم المتحدة ستواصل دعمه.
بدورها، أكدت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جويس مسويا أن سوريا قطعت أشواطاً مهمة على طريق الاندماج في المجتمع الدولي، مشددة على ضرورة تكثيف الجهود الدولية لدعم عودة النازحين وضمان استدامتها.
وعلى مستوى مواقف الدول، قالت نائبة مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة جينيفر لوسيتا إن بلادها تبذل قصارى جهدها من أجل أن تكون سوريا مستقرة ومزدهرة، مشيرة إلى أن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا جاء لتشجيع قطاع الأعمال ومنح البلاد فرصة لإعادة الإعمار والبناء.
من جهته، اعتبر نائب مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي أن زيارة وفد مجلس الأمن إلى سوريا تعكس احترام المجلس لسيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها، مؤكداً ضرورة الحفاظ على سوريا دولة موحدة من خلال استمرار الحوار الفعال بين جميع الأطياف. كما دان الانتهاكات الإسرائيلية، داعياً إلى الالتزام بقرار فض الاشتباك لعام 1974 والانسحاب من كامل الأراضي التي تم التوغل فيها.
أما مندوبة الدنمارك لدى الأمم المتحدة كريستينا ماركوس لاسن، فأكدت أن العلاقة بين الأمم المتحدة والشعب السوري دخلت فصلاً جديداً بعد زيارة الوفد إلى دمشق، مشيرة إلى العمل على تعزيز هذه العلاقة، ومعتبرة أن الحكومة السورية حققت العديد من الإنجازات خلال الفترة الماضية.
وفي الإطار ذاته، وصفت مندوبة اليونان لدى الأمم المتحدة أغلايا بالتا زيارة وفد مجلس الأمن إلى سوريا بأنها تاريخية، كونها الأولى منذ تأسيس المجلس، مؤكدة أنها أرسلت رسالة دعم قوية لسوريا. وشددت على أن طريق التعافي يتطلب دعماً دولياً متواصلاً، لافتة إلى أن اليونان ساهمت مالياً لدعم جهود تعافي البلاد.
وتعكس هذه المواقف مجتمعة تحوّلاً ملحوظاً في الخطاب الدولي داخل مجلس الأمن، يقوم على دعم سيادة سوريا ووحدتها، وتشجيع مسار التعافي وإعادة الإعمار، وتعزيز عودة النازحين، في ظل تأكيد أممي ودولي على مواكبة تطلعات السوريين في المرحلة المقبلة.







