طرطوس: مطالب شعبية لضبط وتحسين وجه المدينة

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

تشهد مدينة طرطوس الساحلية في الآونة الأخيرة تصاعداً في المطالب الشعبية لتحسين المظهر الجمالي للمدينة وضبط مظاهر الفوضى التي باتت تؤثر سلباً على صورتها كواجهة سياحية واقتصادية مهمة على الساحل السوري.

يأتي ذلك في وقت تتقاطع فيه هذه المطالب مع قضايا أوسع تتعلق بالتنظيم الاقتصادي والأمن المحلي وملف المصالحة الوطنية.

ويتركز الحراك الشعبي على ضرورة قمع ظاهرة التسول التي انتشرت في الشوارع الرئيسية والأماكن السياحية، ولا سيما على الكورنيش البحري، إضافة إلى ضبط لوحات الإعلانات الكبيرة والعشوائية التي تحجب المشهد البحري وتشوه الطابع الجمالي للمدينة، إلى جانب منع انتشار “الطنابر” والبسطات غير النظامية التي باتت تشكل عبئا بصريا وتنظيميا على الطرقات والساحات العامة.

تشوه بصري يهدد هوية المدينة

ويرى عدد من السكان أن طرطوس بما تمتلكه من موقع استراتيجي وإطلالة بحرية، تستحق تخطيطا عمرانيا أكثر صرامة يحافظ على هويتها الجمالية والسياحية.

ويؤكد هؤلاء أن غياب الضبط البلدي الواضح أسهم في تنامي مظاهر عشوائية، بدءا من التسول المنظم، مرورا بالإعلانات التجارية الضخمة، وصولا إلى إشغال الأرصفة والواجهات البحرية ببسطات غير مرخصة، ما انعكس سلبا على حركة السكان والزوار على حد سواء.

ويحذر بعض السكان من أن استمرار هذا الواقع قد يفقد المدينة جاذبيتها السياحية تدريجيا، ويؤثر على النشاط الاقتصادي المرتبط بها، في ظل منافسة مدن ساحلية أخرى تعتمد سياسات أكثر صرامة في تنظيم الفضاء العام.

الاقتصاد البحري: فرص مهدورة

وفي هذا السياق، قال المهندس إبراهيم مرقبي، من سكان طرطوس في حديث لمنصة سوريا 24، إن المدينة تمتلك مقومات اقتصادية كبيرة، لا سيما كونها مركزا للأعمال البحرية وصيانة السفن وتوسيعها، إلا أن هذه الميزات لا تستثمر بالشكل الأمثل.

وأوضح مرقبي أن “كافة الرسوم المفروضة على السفن، سواء القادمة للتفريغ أو للإصلاح، بحاجة إلى دراسة شاملة وتخفيض، بما يشجع أصحاب السفن على اختيار طرطوس بدلا من مرافئ خارجية، ولا سيما لبنان، ويسهم في تسريع عمليات الإصلاح داخل القطر”.

وأضاف أن “إلغاء الرسوم المفروضة على العمال الذين يعملون بشكل يومي في صيانة السفن، خلال نزولهم إلى المراكب، من شأنه تحفيز اليد العاملة وتنشيط اقتصاد المدينة”.

ويؤكد مرقبي أن ربط تحسين المظهر الجمالي للمدينة بتفعيل دورها الاقتصادي يشكل مدخلا أساسيا لاستعادة حيويتها، إذ إن مدينة منظمة وجاذبة بصريا تشكل بيئة أفضل للاستثمار والعمل.

ثغرات أمنية ومطالب بالمعالجة

إلى جانب الملف الخدمي والتنظيمي، تبرز مخاوف متعلقة بالواقع الأمني في مداخل المدينة.

وأشار مرقبي إلى “وجود طرق على مداخل طرطوس، سواء في الدخول أو الخروج، غير مراقبة أمنيا بالشكل الكافي”، لافتا إلى “عدم وجود تفتيش للسيدات على الحواجز، ما يطرح تساؤلات حول معايير التفتيش والسلامة”.

ويرى أن تعزيز الإجراءات الأمنية المدروسة، دون المساس بالحياة اليومية للمواطنين، يعد عاملا مكملا لأي خطة لتحسين صورة المدينة، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.

المصالحة الوطنية كجزء من الاستقرار

وفي بعد اجتماعي لا يقل أهمية، طرح مرقبي ملف المصالحة الوطنية، مشيرا إلى “وجود عدد لا بأس به من أبناء الطائفة العلوية في محافظة طرطوس، وقراهم في شرق مدينة حماة، لا يستطيعون العودة إلى قراهم بسبب سيطرة قبائل البدو عليها”، داعيا إلى العمل الجاد على مساعدتهم في العودة إلى مناطقهم “لتحقيق الألفة الوطنية وتعزيز الاستقرار المجتمعي”.

ولفت إلى أن معالجة هذا الملف تشكل جزءا أساسيا من بناء الاستقرار طويل الأمد، وأن أي تحسين في الواقع الخدمي والاقتصادي لن يكتمل دون مقاربة شاملة للجوانب الاجتماعية والوطنية.

وسط كل ذلك، وبين مطالب تحسين المظهر الجمالي لطرطوس وضبط الفوضى البصرية، والحاجة إلى قرارات اقتصادية محفزة وإجراءات أمنية أكثر فاعلية، تبرز المدينة أمام مفترق طرق حقيقي، فإما الاستجابة لهذه المطالب ضمن رؤية متكاملة تعيد لطرطوس مكانتها كمدينة ساحلية منظمة وجاذبة، أو استمرار الواقع الحالي بما يحمله من تحديات قد تتفاقم مع مرور الوقت، في مدينة يراها أبناؤها جديرة بصورة أفضل ومستقبل أكثر استقرارا.

مقالات ذات صلة