كفر ناصح بريف حلب.. الأمن مستقر والخدمات معدومة

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

رغم مرور سنوات على توقف الأعمال العسكرية في ريف حلب الشمالي، إلا أن قرية كفر ناصح ما تزال تعيش واقعًا خدميًا ومعيشيًا بالغ الصعوبة، في ظل غياب شبه كامل للبنية التحتية الأساسية، واعتماد شبه مطلق على الزراعة كمصدر دخل رئيسي للسكان.

وفي هذا السياق، يقدّر عدد سكان القرية حاليًا بنحو 3500 نسمة، عاد معظمهم إلى منازلهم بعد سنوات طويلة من النزوح، في حين لم يتمكن نحو 5% من الأهالي من العودة بسبب فقدان السكن أو تدميره وعدم القدرة على إعادة ترميمه.

عودة قسرية إلى واقع هش

فعليًا، لم تكن العودة إلى القرية نهاية المعاناة، بل بداية مرحلة جديدة من التحديات اليومية. ويقول نضال العلوش، أحد سكان القرية، إن الأهالي عادوا “رغم غياب الخدمات وفرص العمل، لأن النزوح طال أكثر من تسع سنوات، ولم يعد ممكنًا الاستمرار في المخيمات”.

ويضيف: “عندما عدت، وجدت منزلي مسروقًا ومخربًا، فقمت بترميمه على نفقتي الخاصة، ومع ذلك لا توجد في القرية خدمات صحية ولا تعليمية كافية، ولا حتى بلدية تهتم بشؤون النظافة والطرقات”.

خدمات أساسية شبه غائبة

المياه

من جهة أولى، تتوفر المياه في القرية مرة كل خمسة أيام ولمدة سبع ساعات فقط، عبر شبكة قديمة تحتاج إلى صيانة عاجلة، حيث لا تصل المياه إلى عدد من المنازل بسبب الأعطال الفنية المتكررة.

الكهرباء

في المقابل، لا توجد كهرباء عامة في القرية إطلاقًا، ويعتمد الأهالي بشكل كامل على أنظمة الطاقة الشمسية الخاصة، التي لا يستطيع كثيرون تحمّل تكلفتها، ما يزيد من الأعباء المعيشية عليهم.

النظافة والطرقات

أما فيما يخص النظافة، فلا توجد بلدية رسمية في القرية، وتتم أعمال النظافة بجهود شعبية تطوعية باستخدام جرار زراعي تبرع به الأهالي، ويتم جمع القمامة يومي الأحد والأربعاء فقط.

وفيما يتعلق بالطرقات، فإن غالبيتها ترابية وغير مزفتة، ما يجعل التنقل صعبًا شتاءً وخطرًا أحيانًا، ومتعبًا صيفًا بسبب الغبار الكثيف.

التعليم: تسرب قسري

على صعيد التعليم، يوجد في القرية مدرستان فقط: ابتدائية حتى الصف السادس، وإعدادية حتى الصف التاسع.

وبالتالي، يضطر الطلاب لمتابعة المرحلة الثانوية في القرى المجاورة، الأمر الذي يؤدي إلى تسرب نسبة كبيرة منهم بسبب بعد المسافة وارتفاع التكاليف وصعوبة التنقل، فضلًا عن الظروف الاقتصادية الصعبة للأسر.

الصحة: فراغ خطير

في المقابل، لا يوجد في القرية أي مستوصف أو نقطة طبية أو عيادة، ما يضطر المرضى والنساء الحوامل والأطفال إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى أقرب مركز صحي، وهو ما يشكل خطرًا مباشرًا على حياة السكان، خصوصًا في الحالات الطارئة.

الزراعة… العمود الفقري المنهك

وبالنظر إلى الوضع الاقتصادي، يعتمد غالبية سكان كفر ناصح على الزراعة وتربية المواشي كمصدر دخل أساسي، وتشمل المحاصيل الرئيسية القمح والشعير والبطاطا والبصل والكمون.

غير أن هذا القطاع يعاني من تدهور شديد بسبب قلة الأمطار، وشح المياه، وارتفاع أسعار الأسمدة والبذار، مقابل انخفاض أسعار المنتجات الزراعية عند تسويقها.

وفوق ذلك، لا توجد أي مشاريع دعم زراعي، ولا جمعيات، ولا تدخلات منظمات إنسانية أو تنموية في القرية.

الوضع الأمني

في المقابل، يتميز الوضع الأمني في القرية بالاستقرار الكامل، ولا تُسجَّل أي حوادث أو توترات بين الأهالي، ما يؤكد أن العائق الوحيد أمام الاستقرار الحقيقي هو الواقع الخدمي والاقتصادي فقط.

أبرز احتياجات القرية

وبناءً على ما سبق، يحدد المجلس المحلي وسكان القرية الأولويات العاجلة التالية:
• إنشاء مستوصف طبي
• إنشاء فرن خبز
• بناء جامع (تتوفر أرض متبرع بها)
• استكمال التعليم لما بعد الصف التاسع
• تشكيل بلدية رسمية للقرية
• تزفيت الطرق وتوسيع شبكات الصرف الصحي
• دعم القطاع الزراعي بمستلزماته الأساسية

رسالة إلى الجهات المعنية

وفي الختام، يؤكد محمد عمر عثمان، رئيس المجلس المحلي لقرية كفر ناصح، لموقع سوريا 24، أن القرية “لا تعاني من دمار واسع ولا من مشاكل أمنية، لكنها تعاني من فقر شديد وضعف إنتاج وانعدام خدمات”، مطالبًا بتوجيه فرق المساعدات الإنسانية والتنموية بشكل عاجل إلى القرية.

ويضيف: “الأهالي أعادوا ترميم منازلهم بأنفسهم، لكن لا يمكنهم بناء مستوصف ولا مدرسة ولا شبكة صرف صحي وحدهم. المطلوب تدخل حقيقي وسريع، لا وعود فقط”.

مقالات ذات صلة