تعيش مدينة الحجر الأسود جنوب دمشق أوضاعا خدمية توصف بالكارثية، في ظل تراكم النفايات وفتح عدد من ريغارات الصرف الصحي، وانقطاع الكهرباء عن أحياء كاملة منذ أيام، وسط شكاوى متزايدة من السكان واعتراف رسمي من بلدية المدينة بالعجز عن تخديم المنطقة بسبب نقص الآليات وضعف الإمكانيات، ما يهدد السلامة الصحية والبيئية لعشرات آلاف السكان.
مشهد يومي للنفايات والإهمال
في جولة داخل أحياء الحجر الأسود، تتكدس أكوام القمامة في الشوارع الرئيسية والفرعية، خصوصا في محيط مدرسة الحجر الأسود الثالثة، وحي تشرين، ومنطقة الاستيراد قرب ثانوية مثقال، إضافة إلى محيط جامع إبراهيم الخليل، حيث تحولت تلك المواقع إلى مكبات مفتوحة للنفايات. ولا يقتصر المشهد على القمامة فقط، إذ يشكو الأهالي من ريغارات صرف صحي مفتوحة، ما يزيد من المخاطر الصحية، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة.
تقول أمل، وهي من سكان الحجر الأسود، في حديثها لسوريا 24:
“الوضع الخدمي في مدينة الحجر الأسود سيء للغاية، إذ تنتشر النفايات في مختلف أحيائها، فمحيط مدرسة الحجر الأسود الثالثة يشهد تراكما كبيرا للقمامة، وكذلك حي تشرين، إضافة إلى الأطراف الجنوبية للمدينة قرب جامع إبراهيم الخليل، حيث تحولت هذه المواقع إلى مكبات مفتوحة.
وأضافت أن ريغارات الصرف الصحي المكشوفة تزيد من المخاطر الصحية، فضلا عن انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة منذ عشرة أيام متواصلة، دون تسجيل أي استجابة من الجهات المعنية، متسائلة عن غياب الحلول رغم الشكاوى المتكررة.
البلدية تعترف بالعجز
من جانبه، أقر أبو بكر بركات، رئيس بلدية الحجر الأسود، في حديثه إلى سوريا 24، بتردي الواقع الخدمي، مؤكدا أن مشكلة القمامة ليست حكرا على المدينة، بل هي أزمة عامة في المنطقة، إلا أن وضع الحجر الأسود أكثر صعوبة بسبب الإمكانيات المحدودة.
وقال: “ما عنا آليات، نملك سيارة واحدة فقط لا تكفي لمدينة كاملة، وهذا سبب تراكم النفايات رغم العمل بشكل يومي”.
وأوضح أن تراكم القمامة ازداد خلال العشرين يوما الماضية، نتيجة الخلافات المتعلقة بالمكبات، ما حال دون ترحيل النفايات خارج المدينة، مضيفا أن المشكلة لا تقتصر على الحجر الأسود فقط، بل تشمل صحنايا، والكسوة، وجرمانا، إلا أن غياب الآليات في الحجر الأسود يجعل الأزمة أكثر حدة.
مدينة بلا بنية خدمية كافية
وأشار رئيس البلدية إلى أن عدد سكان الحجر الأسود اليوم يقدر بنحو 50 ألف نسمة، وهو رقم كبير لا يتناسب مع البنية التحتية الحالية ولا مع إمكانيات مجلس المدينة، لافتا إلى أن المجلس حديث التشكيل مقارنة ببلديات أخرى كانت قائمة منذ سنوات طويلة.
وأضاف أن البلدية تعاني أيضا من نقص الكوادر، إذ إن عددا من عمال المجلس ما زالوا منتدبين خارج المدينة، ما يضاعف من حجم المعاناة ويعيق تحسين الواقع الخدمي.
الردم والآليات… أزمة إضافية
وبين بركات أن مشكلة الردم ما تزال قائمة، إذ لم ترسل أي آليات لإزالته حتى الآن، مؤكدا أن بلدية الحجر الأسود لا تملك سوى ضاغطة واحدة للنفايات وجرارا دون مقطورة، ولا تمتلك أي آلية أخرى أو سيارات مساندة، الأمر الذي يجعل الاستجابة للشكاوى شبه مستحيلة.
وفي ختام حديثه، طالب رئيس بلدية الحجر الأسود محافظة ريف دمشق بالتدخل العاجل لتخديم المدينة، مشيرا إلى أنه قدم عدة طلبات رسمية عبر قنوات مختلفة، سواء بشكل مباشر أو عبر قيادة المنطقة، مؤكدا تلقي وعود بتحسين الواقع الخدمي مع بداية العام الجديد، دون أن يطرأ أي تغيير ملموس حتى الآن.
وبين شكاوى الأهالي واعتراف البلدية بالعجز، تبقى مدينة الحجر الأسود عالقة في أزمة خدمية مفتوحة، تهدد الصحة العامة وتكشف هشاشة البنية الخدمية في المدينة، وسط مطالبات متزايدة بتدخل عاجل من الجهات المعنية قبل تفاقم الأوضاع بشكل أكبر.








