في إطار الجهود الرامية إلى إعادة إحياء الغطاء النباتي ومواجهة التصحر في ريف دمشق، أطلقت محافظة ريف دمشق حملة تشجير واسعة تحت عنوان “ريفنا أخضر”، تستهدف زراعة نصف مليون شجرة في مختلف مناطق الريف. وتأتي منطقة التل في مقدمة المناطق المنخرطة في هذه المبادرة، عبر حملة محلية منسقة تسعى إلى ترجمة الشعار إلى عمل ميداني منظم ومستدام.
وفي حديث لـ سوريا 24، قال هاني دله، منسق حملة التشجير في منطقة التل، إن العمل يجري بالتنسيق المباشر مع محافظة ريف دمشق لتنفيذ الحملة على أرض الواقع، بدءا من إحصاء عدد الأشجار المطلوبة، وتحديد أصنافها، واختيار الأماكن المناسبة لزراعتها، لتشمل مدينة التل والبلدات التابعة لها. وأوضح أن التخطيط المسبق اعتمد على دراسات فنية أعدت بالتعاون مع مهندسين زراعيين، بهدف ضمان أفضل النتائج على المدى المتوسط والبعيد.
المرحلة الأولى: أشجار حراجية لمواجهة التصحر
وبين دله أن المرحلة الأولى من الحملة تركز على زراعة الأشجار الحراجية، وتستهدف بشكل أساسي مداخل ومخارج البلدات، والدوارات، والجزر الوسطية، إضافة إلى الأماكن العامة التي تصلح للتشجير، مثل الحدائق والمدارس. وتهدف هذه المرحلة إلى الحد من التصحر الذي بات واضحا نتيجة سنوات طويلة من الإهمال في زمن النظام البائد، واستبداله بأشجار حراجية تشكل رئة طبيعية للمدن والبلدات، تسهم في تنقية الهواء وتحسين المشهد الجمالي.
35 ألف شجرة حراجية للتل وبلداتها
بلغ عدد الأشجار الحراجية المطلوبة لمنطقة التل وبلداتها نحو 35 ألف شجرة، تتنوع أصنافها وفق طبيعة المكان والمناخ. وتشمل الأصناف الأكثر ملاءمة للمنطقة السرو، والصنوبر بأنواعه، والأزدرخت، والفلفل الكاذب، والعفص، والزيزفون، والليغستروم، والنخيل، والغلاديشيا، والكينا في حال توفرها، إضافة إلى أصناف أخرى بنسب أقل، مثل الزعرور، والطرفاء، واللوز، والكازورينيا، والدفلى.
اختيار مدروس لمواقع الزراعة
وأشار منسق الحملة إلى أن أماكن الزراعة تختلف تبعا لطبيعة نمو كل شجرة، فالأشجار التي تنمو طوليا مثل السرو تصلح لتكون أسيجة أو للزراعة على أطراف الطرقات، بينما تناسب الأشجار القصيرة مثل العفص الجزر الوسطية والحدائق والمدارس، والأماكن التي تتطلب طابعا جماليا، بما فيها مداخل المنازل. أما الأشجار التي توفر الظل، فتزرع على جانبي الطرقات لتأمين بعد جمالي وخدمي في آن واحد.
مشاركة مجتمعية واسعة
في مدينة التل، اعتمدت الحملة بشكل أساسي على إشراك المجتمع المحلي بكل أطيافه، حيث جرى التنسيق مع إدارة المنطقة، والمجلس البلدي، ولجنة التنمية، والدفاع المدني، ودائرة الزراعة، وجمعية الفلاحين، ومنظمة الهلال الأحمر، إضافة إلى جمعيات إنسانية مثل “إنعاش الفقير” و”أمهات الخير”، وفرق تطوعية متعددة، والمجمع التعليمي، ونادي التل الرياضي. وأوضح دله أن جميع الجهات أبدت استعدادها لدعم الحملة والمشاركة فيها، مع التأكيد على أن باب المشاركة مفتوح أيضا أمام الإعلاميين لتغطية مختلف مراحل العمل.
ما بعد التشجير… المرحلة الأهم
ولفت دله إلى أن المرحلة الأولى تركز حاليا على تجهيز مواقع الزراعة وحفر الجور، تمهيدا لعملية التشجير، إلا أن الأهمية الكبرى تكمن في مرحلة ما بعد الزراعة. وأضاف أن الحملة تولي اهتماما خاصا بحماية الأشجار، من خلال تأمين أقفاص واقية في المواقع المكشوفة، وتنظيم عمليات السقاية سواء عبر صهاريج المياه أو من خلال إنشاء شبكات ري بالتنقيط، لضمان استمرارية الأشجار ونموها السليم.
المرحلة الثانية: أشجار مثمرة للأهالي
وحول المرحلة الثانية من الحملة، أوضح دله أنها ستخصص لزراعة الأشجار المثمرة، وتستهدف الأهالي بشكل مباشر. وتشترط الحملة على الراغبين بالحصول على الأشجار توفر أرض أو مساحة صالحة للزراعة، مع التعهد بالعناية والسقاية والمتابعة، على أن تقوم فرق الحملة بجولات ميدانية لاحقة للتأكد من الالتزام وضمان نجاح التجربة.
وتعد حملة تشجير منطقة التل نموذجاً لعمل تشاركي يجمع بين المبادرات الرسمية والمجتمع المحلي، في محاولة لإعادة الاعتبار للبيئة والفضاء العام، وترسيخ ثقافة التشجير كجزء من التعافي البيئي والاجتماعي في ريف دمشق، بعد سنوات من التهميش والتدهور.








