تشهد صناعة الذهب في مدينة حلب خلال الفترة الأخيرة تحسنا ملحوظا على مستوى تنظيم المهنة وضبط العيارات وجودة المصوغات، بعد سنوات من الاضطراب التي أثرت على هذا القطاع وعلى ثقة المستهلكين به.
تنظيم السوق والرقابة الفنية
قال مصطفى طرقجي، عضو إدارة نقابة المعادن الثمينة في حلب، إن النقابة عملت منذ تسلمها مهامها مطلع عام 2025 على إعادة تنظيم المهنة ومعالجة المخالفات المتراكمة عبر خطط رقابية ودوريات يومية لمتابعة جودة المصوغات والالتزام بالعيارات المعتمدة.
وأضاف طرقجي لموقع سوريا 24 أن “السوق كان يعاني من تلاعب واسع بالعيارات وانتشار الذهب غير النظامي، لكن اليوم تمكنا من ضبطه إلى حد كبير، وأصبحت غالبية المشغولات مطابقة للمواصفات، ما ساهم في تحسين صورة المنتج المحلي”.
وبين أن الورش المحلية شهدت تطورا تقنيا ملحوظا نتيجة دخول معدات حديثة وعودة عدد من الصاغة من الخارج بخبرات جديدة انعكست على مستوى التصنيع.
الصناعيون: تحسن في الجودة مقابل تحديات السوق
من جانبه، قال الصناعي محمد محمبك، صاحب ورشة ذهب في حلب، إن الصناعة المحلية شهدت تحسنا واضحا في مستوى العيارات ودقة التصنيع خلال الفترة الأخيرة.
وأضاف لسوريا 24 أن “المنتج المحلي بات قادرا على منافسة المستورد من حيث الجودة، إلا أن دخول الذهب الأجنبي وارتفاع تكاليف التشغيل يفرضان ضغوطا على الورش المحلية ويؤثران على استقرارها”.
وشدد على أن استمرار هذه الظروف ينعكس سلبا على فرص العمل في القطاع وعلى قدرة الورش على الاستمرار.
حليوي: تراجع ظاهرة الذهب المغشوش
بدوره، قال وائل حليوي، معاون المدير العام لهيئة المعادن الثمينة في حلب، إن ظاهرة الذهب المغشوش كانت مرتبطة بضعف الرقابة في المرحلة السابقة، ما سمح بدخول منتجات غير مطابقة إلى الأسواق.
وأوضح لسوريا 24 أن “بعد تعزيز الرقابة، تراجعت هذه الظاهرة بشكل كبير، وأصبح الالتزام بالعيارات أوضح في السوق، خصوصا لدى الصاغة الذين يعتمدون على إعادة صهر الذهب القديم (الخشر) لإنتاج مصوغات جديدة”.
وأرجع حالة الركود النسبي في السوق إلى تراجع القدرة الشرائية وتغير أنماط الاستهلاك، إلى جانب منافسة المنتجات الأجنبية.
قفزة في كميات الذهب الخام
وكان مدير عام الهيئة العامة لإدارة المعادن الثمينة في سوريا، مصعب الأسود، قال في تصريحات سابقة إنه تم إدخال نحو 130 طنا من الذهب الخام إلى البلاد منذ الأول من شباط 2025، وإنتاج أكثر من 7 أطنان من المشغولات الذهبية في السوق المحلية خلال الفترة نفسها.
وأضاف أن هذه الأرقام تعكس توسع النشاط في القطاع مقارنة بالسنوات الماضية، مشيرا إلى أن احتياطي مصرف سوريا المركزي من الذهب ظل ثابتا عند 25.8 طنا منذ عام 2011 حتى عام 2024.
وبين الأسود في حينه أن الهيئة تعمل وفق رؤية جديدة تهدف إلى الانتقال من مرحلة ضبط السوق إلى مرحلة تطوير الصناعة والتوجه نحو التصدير، عبر تحديث الأطر التنظيمية واستقدام أجهزة حديثة للمعايرة والدمغ بالليزر.
يعد قطاع الذهب في سوريا من القطاعات التقليدية المرتبطة بالاقتصاد المحلي والادخار، وكان يتمتع باستقرار نسبي قبل عام 2011، سواء في السوق أو على مستوى الاحتياطي الرسمي الذي ظل ثابتا عند نحو 25.8 طنا لسنوات.
وخلال سنوات حرب النظام على الشعب السوري، تأثر القطاع بضعف الرقابة وتضرر سلاسل التوريد وخروج عدد من الصاغة من السوق، ما أدى إلى انتشار السوق غير النظامي وطرح مصاغات غير مطابقة للمواصفات وتراجع ثقة المستهلك بالمنتج المحلي.
ومنذ عام 2024، بدأت الجهات المعنية بإعادة تنظيم القطاع عبر تفعيل دور النقابات وتعزيز الرقابة الفنية وتحديث آليات المعايرة والدمغ، بالتوازي مع إدخال كميات كبيرة من الذهب الخام وتوسع نسبي في نشاط الورش المحلية.
وفي المقابل، لا يزال السوق يتأثر بعوامل اقتصادية أوسع، من بينها تراجع القدرة الشرائية وتغير أنماط الاستهلاك ومنافسة المنتجات الأجنبية، ما يفرض تحديات على استقرار السوق وعلى قدرة الصناعة المحلية على الاستمرار.









