قامت دورية تابعة لفرع الأمن العسكري في محافظة القنيطرة، باعتقال عنصرين من الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، وذلك عقب مداهمة منزلهم في ريف المحافظة الأوسط.
وقالت مصادر محلية، لـ SY24، إن “دورية من فرع الأمن العسكري التابع للنظام في سعسع والمعروف باسم فرع الجبهة، قامت فجر يوم السبت بمداهمة منزل اثنين من عناصر الخوذ البيضاء في بلدة رسم الحلبي بريف القنيطرة الأوسط، واعتقلت الأخوين بلال وعلاء شباط ، وهما عنصران سابقان في منظمة الخوذ البيضاء في مركز القنيطرة”.
دراسات أمنية واعتقالات متزايدة في القنيطرة
ليست حادثة اعتقال الأخوين “شباط” هي الأولى من نوعها في القنيطرة ، ففي مطلع الأسبوع الفائت تم اختطاف ثلاثة عناصر آخرين من بلدة صيدا الجولان جنوبي المحافظة، وهم “حمد الحمد – محمود الخلف – إبراهيم الجوهر”.
حيث قامت سيارة بيضاء اللون تتبع لأحد حواجز المخابرات الجوية باختطاف العناصر الثلاثة على الطريق الواصلة بين مدينتي طفس وداعل غربي درعا، وذلك أثناء عودتهم إلى البلدة.
وسبق أن ذكرت مصادر لـ SY24 أن “فرعي المخابرات الجوية والعسكرية يقومان بإجراء دراسات أمنية مكثفة عن متطوعي الخوذ البيضاء الذين ما زالوا متواجدين في المحافظة بعد سيطرة النظام على المنطقة الجنوبية في تموز عام 2018، الأمر الذي دفع العديد منهم للهروب مع عائلاتهم باتجاه لبنان ومناطق سيطرة المعارضة شمال سوريا.
“أحمد” وهو أحد عناصر الخوذ البيضاء قال في حديث خاص مع SY24، إنه “لا يزال مختبئاً في إحدى قرى محافظة القنيطرة بعد مداهمة منزله مرتين خلال الشهر الفائت من قبل فرع سعسع، ويسعى الآن لتأمين طريق آمن عبر أحد المهربين للوصول إلى لبنان”.
وأوضح أحمد الذي كان يعمل في أحد فرق الاستجابة، أن “أكثر من 25 عنصراً من عناصر مركز القنيطرة لا زالوا في المحافظة وذلك بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى حافلات التهجير التي أقلت الرافضين للتسوية مع قوات النظام في العام الماضي إلى محافظة إدلب في شمال سوريا، لأن النظام قام حينها بتقطيع أوصال المنطقة ونشر حواجزه على مداخل ومخارج البلدات ما جعل الوصول إلى حافلات التهجير التي كانت متواجدة في بلدتي الحميدية والقحطانية شمالي المحافظة أشبه بمحاولة الانتحار”.
وأكد “أحمد” أن “تلاعباً كان قد حصل بالقوائم الأسمية لعناصر الخوذ البيضاء وعائلاتهم التي تم إعدادها للخروج الآمن الذي تم خلال الهجمة العسكرية لنظام الأسد العام الماضي، حيث قام مدير الدفاع المدني في القنيطرة حينها بوضع أسماء أشخاص آخرين وعائلاتهم و أخفى الأمر على العديد من عناصر الخوذ البيضاء، الذين بقوا في انتظار تأمين إخلاء آمن لهم من المنطقة”، إلا أنه لم يتسنى لـ ( SY24 ) التأكد من صحة تلك المعلومات.
في لبنان مضايقات وتهديدات بالترحيل
خلال الأشهر الثلاثة الماضية وصل العديد من عناصر الخوذ البيضاء برفقة عائلاتهم إلى لبنان بعد رحلة هروب محفوفة بالمخاطر سلكوها برفقة مهربين، وذلك بعد التهديدات بالاعتقال والتصفية من قبل أفرع أمن النظام السوري، بسبب عملهم السابق.
قائد فريق الاستجابة في المركز 1402 التابع للخوذ البيضاء في محافظة القنيطرة، والذي وصل قبل نحو تسعة أشهر إلى لبنان برفقة خمسة عناصر آخرين مع عائلاتهم، قال في حديث خاص لـ SY24، إنه “خلال حملة النظام العسكرية التي شنها العام الفائت على المنطقة الجنوبية من سوريا، تمت محاصرة عدد كبير من أفراد الدفاع المدني في محافظة القنيطرة بعد سيطرة النظام على عدد من القرى والبلدات ونشر الحواجز العسكرية، بالإضافة لسيطرة تنظيم داعش على مناطق أخرى في المحافظة حيث أصبحت المنطقة منطقة اشتباكات بين النظام والتنظيم ، الأمر الذي دفعنا للبقاء في منازلنا ومنعنا من الوصول لحافلات التهجير في درعا وشمال القنيطرة”.
و أضاف قائد الفريق الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أن “إدارة الدفاع المدني في القنيطرة لم تبلغنا بعملية الإخلاء الآمن التي حصلت برعاية دولية إلى الأردن عبر الجولان السوري، الأمر الذي جعل الكثير من العناصر يعيشون تحت خطر الاعتقال والتصفية من قبل قوات النظام”.
وقال قائد الفريق إن “ميليشيا تتبع لإيران اختطفت ثلاثة من عناصر المركز الذي يديره خلال الأسبوع الفائت في ريف درعا الغربي، في حين لا يزال مصير العديد منهم مجهولاً”.
وحول رحلة التهريب قال قائد الفريق، “لقد قمت ببيع أثاث منزلي وآخرون قاموا ببيع منازلهم حتى تمكنا من الوصول إلى لبنان مع عائلاتنا عن طريق أحد المهربين، وقد استغرقت رحلة التهريب نحو 14 ساعة مشياً على الأقدام تعرضنا خلالها لإطلاق نار من قبل ميليشيا حزب الله اللبناني على الحدود السورية اللبنانية لكن أحداً لم يصب بأذى، وكانت تكلفة التهريب نحو 1400 دولار أمريكي للشخص الواحد”.
قائد الفريق قال أيضاً، إن “أوضاعنا الأمنية في لبنان خطرة جداً حيث علمنا من مصادر خاصة أن ميليشيا حزب الله اللبناني تقوم بالبحث عنا لتسليمنا للنظام السوري وذلك بعد قيام فريق بحث روسي مكون من عدد من الضباط بإجراء دراسات أمنية في محافظة القنيطرة عن جميع عناصر الخوذ البيضاء، كون روسيا تتهمنا بأننا منظمة إرهابية على الرغم من عملنا لإنقاذ أرواح المدنيين طيلة السنوات الماضية”.
وأكد قائد الفريق، “نحن لا نملك أية أوراق رسمية أو اثباتات و هذا يمنعنا من التحرك، وقد قابلنا مكتب مفوضية شؤون اللاجئين / مكتب الحماية وخلال المقابلة التي أجراها معنا أحد الموظفين، قال لنا إن الخوذ البيضاء هي منظمة إرهابية ولن نقدم لكم أية حماية في لبنان”.
وفي نهاية حديثه ناشد قائد فريق الاستجابة المنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان ومكتب الأمم المتحدة في لبنان والدول التي تعهدت بتأمين إخلاء آمن لعناصر الخوذ البيضاء لإنقاذهم قبل فوات الأوان، فترحيل أي أحد منهم يعني أنه سيلاقي مصيره المحتوم بالموت داخل معتقلات النظام السوري.
يبدو أن إصرار النظام السوري ومن خلفه روسيا والميليشيات الإيرانية على اعتقال واختطاف عناصر منظمة “الخوذ البيضاء”، بات يكشف مدى زيف الضمانات التي قدمتها روسيا للبقاء في مناطق الجنوب السوري، الأمر الذي يفتح الباب لموجة تهجير جديدة من تلك المناطق.