Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

حماة.. الدّب الروسي والعودة إلى الحضن الفارسيّ

خاص - SY24

أظهرت معارك أرياف حماة والساحل الأخيرة والتي خاضتها فصائل المعارضة ضد قوات النظام، حجم الفشل وغياب الإرادة القتالية لعناصر جيش النظام، بسبب الهزائم التي تلقتها رغم شنها حملة قصف ممنهجة بالمدفعية وبسلاح الجو الحربي.

الصفعات الموجعة التي يتلقاه نظام بشار الأسد على يد الفصائل العسكرية في أرياف إدلب وحماة والساحل، جعلته يستنجد بالروس، الذين سارعوا بدورهم لإرسال مقاتلاتهم الحربية ظنًا منهم أن ذلك التكتيك العسكري والغارات الجوية التي تستهدف البشر والحجر في تلك المناطق، ستثني الفصائل العسكرية عن المضي في طريقها نحو طرد النظام من عدد من المدن والبلدات محققين إصابات مباشرة في صفوفهم.

ومما زاد في تعرية النظام أكثر، ما ذكرته صحيفة “سفابودنايا براسا” الروسية والتي أشارت في أحد تقاريرها إلى أن جيش النظام السوري إلى جانب بعض الميليشيات الموالية له، لم يتمكن من القضاء على من وصفتهم بـ”الإرهابيين” في إدلب، لافتة إلى “الفشل” الذي ظهر لدى تلك القوات في قتالها مع فصائل المعارضة.

هذا الأمر وحجم الضربات الموجعة التي تلقاها رأس النظام بشار الأسد على أسوار محافظة إدلب وحماة، جعلت روسيا تعيد حساباتها ألف مرة، كون فشل الأسد في تلك المعارك يعني فشل روسيا، وهزيمة الأسد تعني هزيمة روسيا، وحتى الصفعات المؤلمة تعتبر موجهة بشكل مباشر من فصائل المعارضة العسكرية إلى وجه الدب الروسي وليس لرأس النظام فحسب.

سياسة الكذب ومحاولة تشويه الحقائق وتضليل المعلومات، واللعب على وتر تحريك الماكينات الإعلامية الروسية من أجل أن ترمي بثقل الهزيمة على أكتاف نظام الأسد، رامية من وراء ذلك إلى تحميل مسؤولية الفشل لقوات النظام، لتظهر هي بمظهر القوي الذي لا يتدخل إلا في الأوقات المناسبة، وبالفعل هي تدخلت وارتكبت المجازر بحق المدنيين في عدة مدن وقرى وبلدات في محافظة إدلب، إلا أن ذلك لم يشفع لها خاصة وأن ضوء الشمس لا يحجبه غربال.

واللافت في الأمر، هو محاولة الروس نفيهم المشاركة إلى جانب قوات النظام في تلك المعارك، إذ إن مصادر عسكرية معارضة نقلت عن وكالة “رويترز” أن ” روسيا وبعد فشل قوات النظام بإحراز أي تقدم في أرياف حماة وإدلب والساحل، أرسلت قوات خاصة وتعزيزات عسكرية إلى الأراضي السورية للقتال بجانب قوات النظام في الحملة التي بدأت في نهاية شهر أبريل/ نيسان على معاقل الثوار في إدلب”، ما يوضح حجم المأزق الذي وقعت فيه روسيا رغم كل المحاولات لإبعاد تهمة الهزيمة عنها وإلصاقها فقط نظام بشار الأسد.

هذا المأزق الروسي، دفعها للانتقال إلى الخطة (باء) كما يقال، لتوجه أنظارها صوب الطرف الإيراني الذي لم يكن مسلطًا على تواجده الضوء في تلك المعارك الأخيرة ونتائجها المخيبة لآمال آلات القتل الأسدية الروسية، وترسل رسائل مفادها أن الإيرانيين هم من سيكون لهم الكلمة الفصل في تطورات الأحداث على أسوار محافظة إدلب، في حال كان هناك أي هجوم برّي محتمل.

الدب الروسي، لم يكتف بذلك، بل بدأ باللعب على وتر الأمجاد التاريخية المزعومة لإيران، وأنه بمقدورهم إثبات أنفسهم في حال اندلعت أي معركة باتجاه منطقة إدلب، معززة رسالتها المبطّنة بكلمة “الفرس” كونها تعلم مدى وقع تلك الكلمة الرنانة على آذان الميليشيات الإيرانية، وكأن تلك الرسالة تعطي الضوء الأخضر للإيرانيين بشن الهجوم وإنجاز العمليات كما كان يفعل “الفرس” عبر العصور القديمة وعلى مرّ التاريخ، لكن القارئ لتاريخ الفرس والمتصفح لأحداثه، لا يجد فيه إلا الغدر والخيانة، وإشعال الحروب ضد من حولهم.

تحاول روسيا في هذه الفترة بالذات، رمي خلافاتها الاقتصادية والسياسية والأمنية مع إيران جانبًا، ومحاولة جرها إلى صفها في محاولة منها لدفعها إلى مستنقع الحرب في إدلب وبالتالي إشغال العالم أجمع بالتحرك الإيراني ضد الفصائل العسكرية في الشمال السوري وخاصة في إدلب، على أمل أن تبقى صورة الروس كماهي “الجيش الذي لا يهزم”، وهذا ما بات يلاحظ الأن من خلال الدفع بإيران وإشعال نار الحماس بداخل مقاتليها على أنهم “الفرس” صانعوا الأمجاد، وأنهم من سيقولون كلمتهم الفارسية على أرض إدلب وماحولها، وفق زعمهم طبعًا.

المطبخ الروسي، يعلم أن ماينتجه من سموم لن ينفعهم أمام تحركات فصائل المعارضة التي تقف سدًا منيعًا بوجه تلك السموم، كما يقف الفيتو الروسي بوجه أي حلّ سيخرج لملف القضية السورية، وما التلميح بتوافقات الروس مع “الفرس” ليست إلا مجرد بيع للأوهام وليست سوى مجرد سموم ينتجها المطبخ الروسي، ولن تصب في النهاية إلا في أطباق الروس أنفسهم وفي أطباق الإيرانيين ونظام بشار الأسد.

المهزلة التي تحاول روسيا خلقها اليوم لمحاولة التملص من الهزيمة، تدفعها لتمجيد إيران لتكون ذراعها وحجرة الشطرنج بيدها على الأرض السورية، ليبقى السؤال الأبرز: هل سيتمكن الدب الروسي من تحقيق غايته مع المخلب الفارسي؟ أم أن الأمور ستسير بعكس ماتشتهي السفن الروسية؟