Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

في إدلب.. ماذا بقي من الخصوصية لنساء المخيمات؟

خاص - SY24

تعيش المرأة السورية في مخيمات النزوح شمال إدلب، ظروفاً قاهرة حتى يومنا هذا، تفتقر لأبسط حقوقها، في توفير مساحة آمنة من الحرية الشخصية حتى ضمن خيمتها.

لا خصوصية لكثير من النساء والفتيات اليافعات في بعض المخيمات العشوائية، التي بنيت على عجل قرب بعضها البعض بشكل متلاصق، وبقيت على وضعها منذ حملات النزوح قبل سنوات حتى الآن.

تقول السيدة “فداء” نازحة من ريف إدلب الجنوبي، منذ إقامتي وعائلتي في مخيمنا هذا بمنطقة قاح شمال إدلب، فقدت معنى الخصوصية في حياتي الأسرية ضمن الخيمة الصغيرة، ومع الخيم الأخرى، فالجدار مشترك مع خيمة جيراني، وأحاديثهم تصل إلينا بلا جهد لسماعها كأننا في منزل مشترك، لا أشعر أني مستقلة بمنزلي أو بعيدة عن مراقبة الآخرين”.

لم تتسع خيمة” فداء” لمطبخ وحمام وغرفة مستقلة عن أولادها، كون المساحة الضيقة التي تعيش فيها، تجبرها على ضم جميع منافع الخيمة في قسم واحد، وبقاء فسحة صغيرة لباقي العائلة.

تقول لنا “فداء”: “عانيت كثيراً في الخروج إلى الحمامات العامة قبل أن اقتطع حمام خاص داخل خيمتي، كنت أشعر بكثير من الحرج والخوف أيضاً، عند أخذ أحد أطفالي لقضاء حاجته ليلاً”.

“فداء” أمٌ لفتاتين وثلاثة صبية صغار، يسكنون في خيمة لا تتجاوز بضعة أمتار، لا تعرف الهدوء طيلة النهار، ولا تشعر بالأمان والخصوصية ليلاً، لعدم وجود مساحة واسعة، تقول: “وضعت ستاراً من قماش وقسمت الخيمة قسمين لأشعر بقليل من الخصوصية التي افتقدتها منذ زمن”.

حال “فداء” شبيهٌ بحال مئات النساء اللواتي يعشن تفاصيل يومية قاتلة، دون البوح بها، بعضهن اعتاد على نمط الحياة هذا، وبعضهن تحلم بتغيير هذا الحال.

تقضي “أم إبراهيم” المهجرة من ريف حلب إلى مخيم “كفرلوسين”، معظم وقتها خارج الخيمة، في فسحة صغيرة صنعت فيها موقداً طيناً للطهي، تحضر الطعام لأطفالها، وتسخن مياه الحمام لهم، تقول لنا :”أصبح هذا العراء مطبخي منذ نزحت إلى هنا، أجمع في الصباح الباكر أعواد ومخلفات بلاستيكية، لإشعال النار وصنع الطعام”.

تضحك وهي تخبرنا، أن جميع أهل المخيم يعرفون ماذا تطبخ، فلا خصوصية للنساء حتى ضمن مطابخهن، وأوقات الحمام أيضاً.

 

بلغ عدد النازحين في الشمال السوري وفق أحدث إحصائية لفريق” منسقو الاستجابة”، نحو 2.1 مليون نازح، من أصل أكثر من 4 ملايين سوري، مليونا و43 ألفا و869 نازحاً يسكنون المخيمات، على توزع 1293 مخيماً، من بينها 282 مخيماً عشوائياً أقيم في أرض زراعية، لا تحصل على أي دعم أو مساعدة إنسانية أممية، حسب قول بعض الأهالي هناك.

في مخيم يحمل اسم “افعل واترك أثر” بمنطقة “أطمة”، تسكن السيدة الخمسينية “أم أحمد” المهجرة من غوطة دمشق، مع ابنها الوحيد وأبنائه الصغار في خيمة واحدة.

تخبرنا أن مخيمهم لا يصلح للسكن أبداً فهو وادٍ بأرض زراعية، تكاد الخيام تلتصق ببعضها من قربها، تطوف عليه مياه المطر شتاءً، وحفر الصرف الصحي صيفاً، وهذا حالهم منذ خمس سنوات، لم يكن غياب الخصوصية والراحة همها، بقدر معاناتها من انتشار الأمراض والأوبئة كمرض اللشمانيا والجرب الذي أصاب أحفادها الصغار وكثير من أطفال المخيم.

تقول “سوسن الطويل” عاملة الدعم النفسي والاجتماعي في إحدى المنظمات الإنسانية في شمال غربي سوريا، لمنصة SY24، إنه “ومن خلال عملي في التوعية ضد العنف، قابلت كثيراً من النساء اللواتي شكلت لهن حياة المخيمات ضغطاً نفسياً، وصفنها بأنها أقصى درجات العنف التي تمارس ضد النساء”.

وتضيف “الطويل” أن “ضيق المساحة وانعدام الخصوصية في المخيمات، وعدم الراحة، وانتشار الأمراض والأوبئة، بالإضافة لوجود كتل حمامات عامة، وانعدام النظافة فيها، ووعورة الطرق الطينية هناك، كل هذه العوائق ماتزال تشكل هاجساً لدى شريحة كبيرة من نساء المخيمات”.

ويعيش في شمال غربي سوريا، ضمن المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وحلفائه، أكثر من 4 ملايين شخص، معظمهم من النازحين والمهجرين قسريا من المحافظات السورية.