منذ عدة أيام تنفس الشاب “محمد” الحرية بعيداً عن زنزانته في المعتقلات التابعة لميليشيا “حزب الله” اللبناني في مدينة دمشق، بعد أن قضى عامين في المعتقل.
مراسلنا في دمشق التقى الناجي من براثن الاعتقال “محمد”، والذي اكتفى بذكر اسمه الأول خوفاً من عودته للاعتقال، بعد أن ذاق مختلف أنواع التعذيب على يد ميليشيا الحزب المتحكمة بكل شيء، حسب قوله.
اعتقل الشاب من حي الشاغور بدمشق بعد إيقافه من قبل عناصر “حزب الله”، دون تحديد التهمة الموجهة إليه، فقط كونه من أبناء الغوطة الشرقية.
حيث قال في حديث خاص لمنصة SY24، إن “عناصر حزب الله اللبناني اعتقلوه، واقتادوه لأحد السجون السرية في حي الشاغور، وهناك تعرض للعنف الجسدي والضرب المبرح والصعق بالكهرباء والشبح، والتعرية، وحرق جسده بأعقاب السجائر، مع توجيه الألفاظ البذيئة والشتائم والمسبات بقصد الإذلال وتحطيم نفسيته”.
يتذكر “محمد” بألم تفاصيل اعتقاله وكيف أمضى عامين من عمره في السجون حيث أخبرنا أنه وُضع في زنزانة صغيرة لا تتجاوز مساحتها المترين بثلاثة أمتار، برفقة 12 شاب آخرين جميعهم من أبناء الغوطة الشرقية، وريف دمشق الغربي، بالوقت الذي كان السجانين والمحققين الذين حققوا معهم من الجنسية اللبنانية.
لا ينسى “محمد” لحظة دخوله إلى التحقيق بشكل يومي مدة ساعتين على الأقل، يقول إنه يدخل “مطمش” العينين، ومقيد اليدين والقدمين، وتبدأ مرحلة التعذيب وتستمر لساعات أحياناً، ويقوم المحقق ومعه شخص آخر بسؤاله عن الأشخاص العاملين في الغوطة في أيام سيطرة قوات النظام، ويطلب أسمائهم بالتفصيل.
ليخفف “محمد” من التعذيب الذي يتلقاه، قال للمحقق إنه قام بتسوية وضعه في مركز أمن الدولة بإحدى بلدات الغوطة، عقب سيطرة قوات النظام على المنطقة، وعلى موجبها قاموا بمنحه بطاقة تسوية، ظناً منه أنه لن يتعرض للاعتقال من أحد، لكن المحقق قال بالحرف الواحد حسب ما أخبرنا به “محمد”، أنه “لا يعترف ببطاقات التسوية، ولا حتى بقوات النظام، وأن عناصر الحزب هم أصحاب السلطة في سوريا، وهم من يعطون بطاقات يمكن لمالكها التحرك دون أن يوقفه أحد!”.
لم يعد محمد بحاجة لتأكيد كلام المحقق، بعد أن عاش عامين من التعذيب على يد ميليشيا الحزب، وأيقن بالفعل أنهم من يتحكمون بكل شيء في البلد، وأن كلمتهم هي المسموعة وسلطتهم هي الأقوى.
انتهى التحقيق مع الشاب، بعد تبصيمه على العديد من الأوراق التي لايعرف محتواها، ولم يسمح له بقراءتها، ليطلق سراحه قبل أيام قليلة، وهو الآن يستعد لمغادرة سوريا بأي طريقة، خوفاً من الاعتقال مرة أخرى.
“محمد” واحد من عشرات آلاف المعتقلين في سوريا، ترك الاعتقال في ذاكرته ندبة قاسية يستحيل نسيانها، فهو ابن سوريا الذي تعرض على يد ميليشيا لبنانية محتلة لبلدة أقسى أنواع العنف والتعذيب.