في الرقة.. انخفاض الرواتب يجبر المعلمين على ممارسة أعمال إضافية

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

نتيجة للظروف الاقتصادية السيئة التي تعيشها مدينة الرقة الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، اتجه عدد كبير من معلمي المدينة للبحث عن فرصة عمل إضافية لتغطية تكاليف المعيشة الباهظة، في ظل ارتفاع مستمر في أسعار جميع السلع والمواد الغذائية وإيجارات المنازل وغيرها من الخدمات الضرورية، مع ضعف الرواتب الشهرية التي يتقاضونها من “لجنة التعليم” التابعة لـ”الإدارة الذاتية”.

 

“جاسم العلي”، 33 عاماً، معلم لمادة الرياضيات من مدينة الرقة،يقول أنه “قضى أكثر من نصف عمره في الدراسة ليجد نفسه خلف مقود سيارة الأجرة الصفراء التي يعمل عليها عملاً إضافياً لعمله الأساسي كمعلم، ليجد نفسه واقفاً في طابور طويل لانتظار دوره لملئ خزان سيارته الصفراء بالوقود، بعد أن اضطر إلى القدوم الكازية في الساعة الـ3 فجراً”، على حد تعبيره.

 

وفي حديث خاص مع مراسل منصة SY24 قال: ” أتقاضى آخر الشهر مرتب قدره 260 ألف ليرة سورية، لكنها لا تكفيني لأسبوع واحد فقط، بسبب مصاريف المنزل الكثيرة وارتفاع أسعار جميع السلع الغذائية والتي أكاد لا أستطيع تأمينها عبر عمل واحد”.

 

وأضاف:” الرواتب التي يتقاضاها معلمو مدينة الرقة لا تكفي أسبوعاً واحداً، الأمر الذي يضطر الكثيرين منهم للبحث عن عمل إضافي يكفل سد احتياجاتهم وعائلاتهم اليومية، وخاصة في المناسبات كالأعياد كون راتب المعلم لا يشتري بدلتين اثنين في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار الذي وصل إلى 4000 ليرة سورية، والذي انعكس سلباً بشكل كبير على أصحاب الرواتب الثابتة التي يتقاضونها بالليرة السورية”.

 

وأوضح “اشتريت سيارتي هذه بعد بيع قطعة أرض صغيرة كنت أملكها في ريف المدينة، لتكون عوناً لي في مصاريف الحياة اليومية، وعلى الرغم من أعطالها اليومية إلا أنها تزيد من مدخولي الشهري، حيث يصل دخلي إلى حوالي نصف مليون ليرة سورية من عملي كسائق أجرة وكمعلم، وبهذا المبلغ استطعت تحسين وضعي المادي شكل أفضل”.

 

“ساهر”، “وهو اسم مستعار لمعلم في المرحلة الابتدائية بإحدى مدارس الرقة، يعمل “حارساً ليلياً مع متعهدي البناء بالاضافة لعلمه كمدرس، ويقضي ليلة واقفاً على الأخشاب والحديد والإسمنت التي يؤتمن عليها خوفاً من سرقتها على يد العصابات التي ازداد نشاطها مؤخراً في المدينة، ما قد يشكل خطراً كبيراً على حياته”.

 

وفي حديثه لمنصة SY24 قال: “أتقاضى 260 ألف ليرة سورية كمرتب شهري، ولدي 5 أطفال أحدهم لديه إعاقة حركية، أحتاج شهرياً لنحو 200 ألف ليرة سورية، فقط لعلاج ابني، لذا اضطررت لعمل حارساً ليلياً علني أستطيع تأمين العلاج”.

 

وأضاف أن “عملي المسائي يحرمني من الجلوس مع عائلتي أو قضاء الإجازات معهم وحتى من زيارة الأهل والأقارب، واصبحت حياتي محصورة بين حياته بين العمل كمعلم صباحاً وحارس ليلي مساءً، وذلك بسبب ضعف الرواتب التي نتقاضاها وعدم قيام لجنة التعليم بتحسين واقعنا المعيشي”.

 

في حين، أكد المعلم “جاسم العلي” وجود حالات من الإهمال لدى بعض المعلمين في المدارس وعدم التزامهم بالتعليم على الوجه المطلوب بحجة أنهم ” يعطون على قدر ما راوتبهم التي يتقاضونها”، وهذا الأمر انتشر في الآونة الأخيرة في مدارس مدينة الرقة، ما دفع الميسورين من أهالي المدينة إلى نقل أبنائهم من المدارس التي تتبع ل”لجنة التربية” إلى المدارس الخاصة المشهورة بتعليمها الجيد في المدينة.

 

وبحسب العلي فإن “المعلم في المدارس الخاصة يتقاضى ثلاثة أضعاف راتب المعلم في المدارس التابعة للإدارة الذاتية”، ويعزو ذلك لـ”اهتمام منظمو تلك المدارس بالتعليم وإيمانهم بأن للمعلم احتياجات يجب أن توفر له حتى يستطيع تقديم رسالته على أكمل وجه”، مضيفاً “ولو تحصلت على وظيفة في إحدى المدارس الخاصة لكنت في أحسن حال، بسبب نظام التعليم والراتب المرتفع”.

 

“الإدارة الذاتية” من جهتها كانت قد أقرّت عدة زيادات على رواتب العاملين لديها، لكن تلك الزيادات لم تكن بالمرجو منها، إذ لم يتخطى سقف أعلى راتب لديها الـ 80 دولاراً، في حين بلغ راتب المعلم اليوم 65 دولاراً فقط، الأمر الذي دفع الكثير من معلمي الرقة ودير الزور إلى اعتماد الراتب بالدولار الأمريكي وتحديده ب 150 دولاراً على أقل تقدير ليتمكن المعلم من أداء وظيفته وواجبه الإنساني على أكمل وجه.

 

كما عمدت لجنة التربية هذا الشهر إلى اقتطاع 13000 ليرة سورية من كل راتب معلم لم يلتحق “بالمسيرات والاحتجاجات” التي تنظمها لجنة التربية بشكل شبه دوري في مدينة الرقة، بحسب العشرات من المعلمين الذين أعلنوا عن سخطهم من هذا الأمر المتوقع عكسه وهو الزيادة قبيل عيد الأضحى المبارك واعتبروها صفعة أخرى بوجه المعلم والتعليم.

مقالات ذات صلة