Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

كيف تأكل الأعمال الشاقة صحة الأطفال.. تعرفوا على قصة “حمزة”

خاص - SY24

يستيقظ “حمزة” 12 عام، باكراً يسابق الوقت، يرتدي ملابس خاصة تبدو عليها آثاراً داكنة، يغادر منزله في كفر لوسين، شمالي إدلب، إلى السوق لا إلى المدرسة، فـ”حمزة” لم يذهب يوماً إلى أي مدرسة مطلقاً، يصادف في طريقه أقرانه، وقد ارتدوا الحقائب المدرسية وانطلقوا مثله باكراً لكن وجهتهم تختلف تماماً عن وجهة حمزة!!. 

يختصر هذا المشهد المتكرر يومياً في عدة مناطق شمالي سوريا ولاسيما في إدلب وريفها، ظاهرة خطيرة تعرف باسم” عمالة الأطفال”، وتلازمها ظاهرة التسرب المدرسي أيضاً، إذ أن جميع الأطفال الذين انخرطوا في سوق العمل، قد تركوا التعليم، وذلك نتيجة تردي الأوضاع المعيشية لذويهم، واضطرارهم إلى العمل من أجل مساعدتهم في تأمين مستلزمات الحياة اليومية، وسط الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تعاني منها المنطقة عموماً.

 

يقضي “حمزة” حوالي 12 ساعة من العمل في أحد مطاعم الوجبات السريعة في مدينة سرمدا، مقابل أجرة يومية لاتتعدى 25 ليرة تركية، يقول في حديثه إلينا إنه ليس الوحيد في أسرته الذي ترك الدراسة واتجه للعمل، بل هناك اثنين من إخوته وهم تحت سن العشرين، يعملون جميعاً لتأمين مصروف عائلتهم في ظل الظروف المعيشية الحالية. 

هذا الوقت الطويل، يؤثر على صحة “حمزة” ، كغيره من الأطفال الذين يعملون مثله في مهن مختلفة، إذ يضطر معظم هؤلاء الأطفال للعمل في مهن صعبة وشاقة لا تتناسب مع أعمارهم وأحجامهم الصغيرة، مقابل أجور مالية زهيدة نسبياً مقارنةً بطبيعة العمل والمخاطر المترتبة عليه، ما تسبب في إصابة معظم هؤلاء الأطفال بجروح خطيرة وفقدان بعضهم لحياتهم نتيجة هذه الأعمال الخطرة التي اضطروا للعمل بها في سن مبكرة.

 

كما تعد ظاهرة تسرب الأطفال من المدارس والتحاقهم بسوق العمل من أخطر الظواهر التي تهدد مستقبل المنطقة عموماً، لارتفاع عدد الأطفال غير الملتحقين بالصفوف المدرسية وارتفاع نسبة الأمية بينهم، وأيضاً بسبب تعاطي هؤلاء الأطفال للمخدرات والمشروبات الكحولية في سن مبكرة نتيجة غياب الرقابة العائلية عليهم، واختلاطهم بأشخاص أكبر سناً منهم أثناء ممارستهم لأعمالهم.

 “حمزة” واحدٌ من آلاف الأطفال الذين سدت في وجوههم دروب التعليم، وفتحت دروب الأعمال الشاقة، وحملوا بأيديهم الصغيرة مسؤولية كبيرة تفوق عمرهم ونحوله أجسادهم بأضعاف. 

ومن أكثر المهن التي يلجأ إليها الأطفال وذويهم، تحت مسمى “يتعلم مصلحة” مهنة صيانة السيارات، إذ تغص المنطقة الصناعية في مدينة إدلب بعشرات الأطفال من مختلف الأعمار، كذلك في المطاعم وأعمال البناء، وجمع الخردة وقطع النايلو، وتصليح الدراجات النارية، و الأفران، وورش الحدادة، غيرهم من الأعمال الشاقة والخطيرة. 

يسلك “حمزة” بعد حلول الظلام، الطريق العام مع أي سيارة تقله إلى مكان سكنه، وأحياناً يقطع مسافة طويلة مشياً على الأقدام، يصل منزله، بوجه شاحب، وثياب تكسوها بقع الزيت يرتمي في أحضان فراشه ويغوص في النوم استعدادا ليوم عمل جديد.