يسابق الحاج الستيني ابن مدينة إدلب، “مصطفى معدل” بزوغ الشمس يومياً، ويسعى برفقة سيارته القديمة التي تحمل رائحة والده في تحصيل رزقه، بعد أن أصبحت هذه السيارة رفيقة دربه منذ سنوات.
“ليست مجرد سيارة”، يقول الحاج “مصطفى” إنها أعز ما أملك، ولي فيها ذكريات قديمة منذ أن اشتراها والدي وأنا في الخامسة عشرة من عمري، وبقيت مع عائلتنا أكثر من عشرين عاماً إلى أن انتهى بها المطاف في بزار البيع وتم استبدالها بمركبة زراعية ولم أكن راضياً عن بيعها آنذاك.
يحفظ الحاج “مصطفى” تفاصيل دقيقة عن سيارته التي يحب، يخبرنا أنها من صنع شركة Volkswagen التي تأسست عام 1936 من القرن الماضي، وأطلقت صناعة أول حافلة وهي “فولكس فاجن T1 ” وذلك في عام1960، وبعد أربعة أعوام أصر والده، على شرائها، ومنذ ذلك الوقت أصبحت هذه الحافلة فرداً من أفراد العائلة.
رغم التطوير والتحديث الكبير الذي وصلت إليه صناعة السيارات في الوقت الحالي، لم تغريه أي سيارة في استبدال حافلته أو بيعها بعد أن حصل عليها منذ ست سنوات، يقول لنا: “إنها بالنسبة إلي، تعد أفضل من جميع السيارات وأفضلهم على الإطلاق”.
تعلّق الحاج بتلك الحافلة جعله يبحث عنها مجدداً بعد أن تم بيعها من قبل عائلته، إلى أن استطاع شرائها مرة أخرى في عام 2016، للعمل عليها في مهنة بيع المحروقات عند منطقة الكورنيش في مدينة إدلب.
يقول لمراسلنا: إنه “أمضى بصحبتها ستة أعوام، بعد أن أصبحت مصدر رزقة، يتجول في شوارع مدينة إدلب يومياً، وكله فخر بها، كونها مرتبطة بذكريات جميلة حملها من طفولته إلى يومنا هذا، ويبيع عليها المحروقات، ويعيل ستة من أفراد أسرته وهو بكامل سعادته.
إذ تظهر الصور التي التقطتها عدسة مراسلنا “أيهم البيوش”، مشاعر الحب والإعجاب التي يكنها الحاج لسيارته، وبدت لمسات اهتمامه بها واضحة على معالمها.
يعود الحاج “مصطفى” مع غروب الشمس إلى عائلته، يترجل من الحافلة، يركنها برفق جانب منزله، يودعها كأنها صديق حميم قضى معه ساعات نهاره، يقول لنا: “كانت رفيقتي في تحصيل لقمة عيشي، دون أن أحتاج أحد،رغم أنها كبرت في العمر مثلي، لكنها قادرة إلى الآن على العطاء”.