“الواقع الرقمي يقود إلى مستقبل أفضل”، بهذا العنوان افتُتح المؤتمر السوري الإقليمي الأول لريادة الأعمال والذكاء الصناعي، الذي احتضنته دمشق بحضور نخبة من الخبراء وصنّاع القرار، بهدف رسم ملامح التحول الرقمي في سوريا، ودراسة إمكانات الذكاء الصناعي في دعم التنمية المستدامة والاقتصاد الوطني.
في تصريح خاص لـ”سوريا 24”، أكدت إيمان الخوري، خبيرة في التشريعات السيبرانية، أن الإطار القانوني والسياسات العامة للذكاء الصناعي يجب ألا تتحولا إلى عائق أمام الابتكار، بل ينبغي أن تكونا محفزًا له. وقالت:
“علينا أن نحوّل الذكاء الصناعي من تحدٍّ قانوني إلى فرصة قانونية، تسهم في تطوير العالم القانوني وتنظيم عمل الوزارات المختلفة، للوصول إلى حكومة إلكترونية حقيقية وحوكمة فعالة للذكاء الصناعي والإنترنت”.
وأشارت إلى أن التحدي الحقيقي يتمثل في التوفيق بين تطور التكنولوجيا وحدود القانون، مضيفة أن بناء بيئة قانونية ذكية سيكون أساسًا لنجاح أي مشروع رقمي شامل.
المغتربون يعودون للمشاركة في إعادة البناء الرقمي
من جانب آخر، تحدث مشارك في المؤتمر لـ”سوريا 24”، قائلًا: “أنا جئت إلى سوريا بعد انقطاع 13 سنة، وأي مغترب سيشاهد بوضوح أن سوريا بدأت تعيد الإعمار والنهوض من جديد”، وأضاف: “دورنا اليوم هو في تطوير المعلومات، وورقة العمل التي قدمتها تركز على التعليم والتدريب في تطبيقات الذكاء الصناعي، لأن بناء الإنسان هو الأساس في أي عملية تحول رقمي حقيقي”.
الأمم المتحدة: لا بد من تقليص الفجوة الرقمية
وفي كلمته خلال حفل الافتتاح، شدد محمد صادق مضوي، ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على أهمية معالجة التفاوت العالمي في الوصول إلى التكنولوجيا، قائلًا: “نحتاج إلى تقليص فجوة البيانات بين الشمال والجنوب لتوفير فرص تنموية مستدامة عبر التكنولوجيا”.
الذكاء الصناعي في خدمة الزراعة والاقتصاد
بدوره، أشار نصر العبيد، المدير العام لمنظمة أكساد، إلى أن الذكاء الصناعي بات يمثل أداة رئيسية لتطوير القطاع الزراعي في سوريا، لافتًا إلى أن المنظمة ستوقّع اتفاقيات لدعم مخرجات المؤتمر في هذا المجال، بما ينعكس على الأمن الغذائي في البلاد.
وفي الاتجاه نفسه، أكد الدكتور محمد فراس بكار، رئيس الاتحاد العربي للاتصالات والإنترنت، أن المؤتمر يشكّل منصة أساسية لتبادل الخبرات الإقليمية وتطوير الحلول الرقمية الداعمة للاقتصاد السوري.
التحول الرقمي أساس التنمية المستدامة
وفي تصريح له، قال الدكتور باسل الخشي، رئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، إن “التكنولوجيا لم تعد رفاهية، بل أداة ضرورية للتنمية المستدامة”، مشيرًا إلى التزام الجمعية بتمكين المجتمع السوري رقميًا، من خلال بناء الكفاءات وتوفير البيئة المناسبة للابتكار.
من جهته، اعتبر محمد بن عمر، مدير المنظمة العربية لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، أن عودة المنظمة إلى سوريا بعد غياب طويل تُعد “لحظة تاريخية” تؤسس لتحولات رقمية منتظرة تعزز الاقتصاد الوطني.
الحكومة تسعى إلى خدمات رقمية وشفافة
وفي الجلسة الافتتاحية، أكد عبد السلام هيكل، وزير الاتصالات والتقانة، أن الحكومة السورية تركز على تطوير بنية الإنترنت والبنية التحتية الرقمية، لدعم الشركات الناشئة وضمان تقديم أفضل الخدمات الرقمية للمواطنين.
وقال: “نحن نعمل على تحسين قطاع الاتصالات رغم التحديات، ونعيد صياغة العلاقة بين المواطن والدولة عبر منظومة من التطبيقات الذكية، بما يعزز الشفافية ويُسهّل الوصول إلى الخدمات”.
نظرة شابة إلى مستقبل الذكاء الصناعي في سوريا
وفي حديثها لـ”سوريا 24”، قالت مهندسة شابة مشاركة في المؤتمر: “كمهندسة معمارية، يهمني أن أتابع توجهات البلد في الذكاء الصناعي، ولم أتفاجأ برؤية الشباب السوري يتفاعلون بإبداع مع هذا المجال. هناك طاقات واعدة وقدرة على إدماج الذكاء الصناعي في البنية التحتية والمعمار، ليكون حاضرًا في إعادة بناء سوريا”.
نحو تحول رقمي متكامل
يأتي انعقاد هذا المؤتمر في وقت حساس تمر به سوريا، إذ يسعى قطاع التكنولوجيا والاتصالات إلى إعادة هيكلة بنيته التحتية باستخدام أدوات الذكاء الصناعي والابتكار التكنولوجي لدعم الاقتصاد الوطني.
ويأمل المشاركون أن يشكّل المؤتمر خطوة متقدمة نحو بناء مجتمع رقمي، تكون فيه الابتكارات التكنولوجية ركيزة لإعادة الإعمار والتنمية المستدامة.